من الخروج عن المألوف وعدم التقيد الرتيب بنصوص وآراء الأقدمين.
أما أحمد المقري فقد عرف عنه كثرة المحفوظ في مختلف العلوم والفنون وكثرة التأليف في الأدب والتاريخ والحديث، ولكن لم يعرف عنه أنه كان من مدرسي القرآن الكريم. وقد أخبر عبد الكريم الفكون أن المقري قد انتصب للتدريس في الجامع الأعظم بمدينة الجزائر عندما أخرجته الظروف السياسية من المغرب، وأن من جملة ما درس هناك التفسير. ولكن إقامة المقري لم تطل بالجزائر، فقد توجه إلى المشرق حيث درس الحديث والأدب وتاريخ الأندلس والعقائد. ولكن مترجميه لم يذكروا أنه درس هناك التفسير أيضا. ويبدو أن ما قيل من أن العقائد كانت مهنة أهل المغرب وأن التفسير فن أهل المشرق قول فيه كثير من الصحة، والدليل على ذلك قلة التفاسير عند المغاربة مع كثرتها في المشرق، بينما الأمر بعكس ذلك بالنسبة للعقائد ونحوها. ومهما كان الأمر فإن أحمد المقري كان غزير المعرفة، يتمتع بحافظة قوية، ولم يكن يعوزه التأليف في التفسير فما بالك التدريس فيه. ونحن نعتقد أنه لو ألف فيه لأجاد كما أجاد فيما ألف في العلوم الأخرى. كما نفهم من نقد الفكون له أن طريقة المقري في التفسير، كما هي في علومه الأخرى، طريقة كلية لا جزئية تعتمد على التعميم وتبتعد عن الدقة. وهو، لكونه أديبا، كان يزوق الألفاظ ويستعمل العبارات المبهمة.
وقد أخذ عليه الفكون حين سأله عن إعراب ابن عطية للآية (ولأتم نعمتي عليكم)، تهربه من الإجابة العلمية (?).
ولا بد من الإشارة أيضا إلى أن هناك غير هؤلاء. فالوزان والأنصاري وعيسى الثعالبي كانوا أيضا من مفسري القرآن الكريم في دروسهم. وقد روى محمد بن ميمون أن القاضي أبا الحسن علي كان بارعا في تفسير القرآن حتى