الفقراء واستغلال العامة ماليا. وقليل منهم من سلك طريق الزهد والتصوف لله وعاش لدينه وعلمه. ومعظم الطرق الصوفية كانت نسخة مكررة لبعضها، ولا تكاد تختلف سوى في الزمن والبيئة أو في الاعتدال والمبالغة. ولا نكاد نجد طريقة أصيلة نابعة من ظروف سياسية أو دينية استوجبت ظهورها محليا. فقد كانت جميع الطرق مستوردة الأفكار من أجزاء العالم الاسلامي الأخرى، إما من المغرب (الدرقاوية، الطيبية، الزيانية الخ ..) وإما من المشرق (القادرية، الخلوتية، الخ ..) يضاف إلى ذلك الشابية التي انتشرت من
تونس، ومع ذلك فإن المرابطين وطرقهم قد لعبوا دورا بارزا في الحياة الثقافية والسياسية للبلاد. ذلك أن كثيرا من الأشعار والتآليف في المناقب والتصوف والسير قد ظهرت خلال هذا العهد. وكانت معظم الزوايا، كما عرفنا، مراكز للتعليم ومخازن للكتب، كما كانت الطرق الصوفية مصدر قلق للولاة الظالمين يخشون بأسها وثورتها، وكثيرا ما هددت كيانهم. ولذلك خصصنا هذا الفصل لدراسة دور المرابطين والطرق الصوفية.
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني