النصارى فهو ليس من الدين في شيء، وليس أيضا من الرجولة كما قال، وإنه لا تحصل به سعادة الدنيا ولا سعادة الآخرة (?). ولو أن الجزائر أخذت برأي ابن العنابي وسار حسين باشا فيها سيرة محمد علي في مصر وسيرة محمود الثاني في الدولة العثمانية لما جرى ما جرى سنة 1246 (1830)، ولما وقعت الجزائر فريسة للاحتلال الفرنسي قرنا وربعا. وهكذا فإن أمثال هؤلاء العلماء كانوا يدقون ناقوس الخطر ويشيرون إلى الطريق الحق.
وأهم رياضة فكرية كان العلماء يقفون فيها وقتهم هي حل مسائل الميراث والمجادلة في جزئيات التوحيد والفقه والإعراب، ولعل أبرز ما كان يجمعهم على الرياضة الفكرية والتسلية هو حل الألغاز. فقد شاعت بينهم وكانوا يتبادلونها ويتراسلون بها ويتحدون بعضهم البعض بها ويقضون في حلها الساعات الطوال. ومما عثرنا عليه من ذلك لغز (هاج الصنبر) الذي دار بين سعيد قدورة وأحمد المقري، وكذلك لغز (السبعة) الذي وضع فيه أحمد البوني تأليفا خاصا، وقد قال ابن حمادوش الذي أورده (فتداولناه بيننا (يعني علماء مدينة الجزائر) حتى بلغ كل عالم وأديب في البلد فلم يتض بكرته ولم نجد علما عند أحد به)، واشترك في محاولة حل هذا اللغز علماء الوقت أمثال بركات بن باديس ويحيى الشاوي وبعض علماء تونس والمغرب أيضا. ومع ذلك لم يهتد أحد منهم لحله الحقيقي (?).
ومن القضايا التي شغلت حيزا كبيرا من مناقشات وأقلام العلماء قضية