يطلعوا على ما كتبه الأوروبيون المعاصرون لهم، ولم يذهبوا إليهم للأخذ منهم، كما أخذوا هم من عرب إسبانيا والمشرق. ولو فعل هو وأمثاله ذلك لتغيرت الأمور في الجزائر لصالح الثقافة الخلاقة المتقدمة (?). ونفس الموقف قد وقفه أحمد بن عمار أيضا. ورغم تقيده بأحكام وقواعد الشريعة وروح العصر فإنه نادى بحرية الرأي واستعمال القوة العقلية في الإنسان وعدم التحرج من مخالفة الأوائل وعدم التمسك بالتقليد لذاته ولو كان الحق مع التجديد، (فالحق أحق أن يتع) وقد قال ابن عمار في العلماء الذين كانوا يتبعون السلف لمجرد الاتباع أنهم جامدون منكبون عن الحق (فهل هذا إلا جمود على محض الاتباع ولو مع ضعف الدليل؟ فوا أسفاه على ضعف العارضة وتراهل الدراية!) (?).

وقبل الاحتلال ببضع سنوات ألف المفتي محمد بن محمود بن العنابي كتابا بعنوان (السعي المحمود في نظام الجنود) طرح فيه قضية التجديد والأخذ من الأوروبيين. وكان في ذلك متأثرا بدون شك بأحداث الثورة الفرنسية وبتطور مصر في عهد محمد علي وبإجراءات السلطان محمود الثاني ضد الإنكشارية وإدخال الإصلاحات على الجيش وغيره. وقد نادى ابن العنابي في جرأة كبيرة بضرورة تقليد الأوروبيين (ويسميهم الكفار) في مبتكراتهم وصنائعهم ولغاتهم وتقنياتهم وأسلحتهم، كما نادى بالتفوق عليهم في العلوم التي تفوقوا فيها لأن ذلك من صميم الدين الصحيح. أما الانغلاق والافتخار بما فعل السلف وتجنب ما ابتدعه الأوروبيون بدعوى أنه عمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015