ومعاصريه، ولا ندري كم طالت مدته في المغرب فإن بعض العلماء كانوا لا يعودون حتى يصبحوا هم أنفسهم مدرسين، ولذلك لا نستغرب أن يقول ابن القاضي انه قد أخذ العلم على المقري كثيرون من تلمسان وفاس. وإذا نحن اتبعنا ابن مريم فيما ذهب إليه من تاريخ ميلاد المقري (أي سنة 928) ومدة بقائه في الفتوى والتدريس (45 سنة) (?) فإن المقري يكون قد تولى الفتوى في تلمسان حوالي سنة 966، لأن ابن مريم قد انتهى من تأليف كتابه سنة 1011. ولا شك أن تعيين المقري في وظيفة الفتوى والتدريس يعتبر في حد ذاته انتصارا للحكم العثماني في الجزائر. فالرجل كان من أسرة علمية معروفة وكان قد عاد من بلد مجاور لم يكن حكامه بالضرورة أصدقاء للحكام العثمانيين (?).
وكانت قيمة سعيد المقري العلمية والاجتماعية هي التي رشحته لتولي هذه الوظيفة الخطيرة، فقد أصبح بالإضافة إلى التدريس مفتي تلمسان وخطيب جامعها الكبير، ولا ندري إن كانت قد وكلت إليه أيضا وكالة أوقاف الجامع المذكور، وهو ما جرت به العادة، وكان المقري قد تدرب على هذه الوظائف في المغرب، ولا سيما التدريس، وقد عرف عنه أنه من العلماء المعقوليين رغم لباسه للخرقة الصوفية وتدريسه علم التصوف الذي كان شعار العلماء والمرابطين على السواء. وقد كان أيضا من أولئك العلماء الذين نسميهم اليوم بالموسوعيين، فهو بارع في النحو والتوحيد والفقه والحديث واللغة العربية أو فقه اللغة، والمنطق والأصول، كما كان يحفظ أشعار العرب