سوى تاريخ فرنسا وأفكارها. وقالت النجاح إن النهوض باللغة العربية هو خدمة للوطنية. وروى ديبارمي أن أطفال المدارس إذا رددوا ما جاء في الكتب الفرنسية من أن أجدادهم هم سكان بلاد الغال (فرنسا) فإن أطفالا آخرين يجيبونهم بأن أجدادهم هم العرب المسلمون يصلون بهم عن طريق اللغة العربية وأنهم يتصلون بالرسول عن طريق الشرق (?).

واللهجة العربية في الجزائر - والمغرب العربي؟ - يسميها ديبارمي في شيء من السخرية، البوربري رضي الله عنهeurbri . وهي العربية الفصحى بعد أن عجمت ودخلت عليها الأصوات والتأثيرات البربرية وغيرها. وقد سخر ديبارمي حتى من أستاذه هوداس لأنه نصح المعلمين الفرنسيين باستعمال الفصحى بدل الدارجة، وعندما طلب هوداس التحدث بالفصحى (ابتسموا منه). وهكذا أصبحت الدارجة عند ديبارمي ومدرسته هي لغة أهل المغرب العربي المتبربرة. ولكن هل ذلك ينفي اللهجات البربرية؟ إن ديبارمي لا يجيب على ذلك ويكتفي بالقول إن جميع الأشعار الملحونة التي صيغت بالعربية الدارجة إنما هي في نظره بالبوربرية. فهي موجودة في أشعار الشعراء الذين مدحوا الأمير أو هجوه، وهي موجودة في النثر غير الخاضع للقواعد النحوية والبلاغية. وقد كانت هذه اللهجة الملحونة هي لغة الشعر والنثر - حسب رأيه - عند الاحتلال. ولم يبق للعربية الفصحى عنده إلا مجال اللغات الميتة، وهي النصوص الفقهية والقضائية والصلوات، بعد أن حوصرت على كل الجبهات: الجبهة الفرنسية والجبهة البوربرية (الدارجة) وجبهة اللهجات البربرية.

وقد ذكرنا أن ديبارمي يعتبر الفصحى قد ماتت إلا في بعض النصوص الدينية، وأن البوربرية أيضا قد تقلصت وكادت تضمحل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ثم تسارع سقوطها في النصف الأول من القرن العشرين. وقد استشهد بكلام صاحب كتاب (الكنز المكنون) عندما قال إنه نشر الأشعار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015