والدين الإسلامي. وقد نقل عن جريدة الإقدام سنة 1923 أنها قالت إن تخلي الإنسان عن لغته (العربية) يعتبر انتحارا. وأخبرنا ديبارمي الذي تابع الموضوع بدقة ربما بالغ فيها، أن الأهالي جميعا يعتبرون المسألة اللغوية مسألة حياة أو موت للشعوب المغاربية. وهم الآن قد وضعوها موضع الدرس والاهتمام، واعترف ديبارمي أن العربية الفصحى قد عرفت سقوطا تدريجيا خلال النصف الثاني من القرن 19، ثم تسارع سقوطها، حسب رأيه، خلال النصف الأول من هذا القرن. ولكن الجزائر تشهد الآن (1931) (ثورة لغوية) وهي ظاهرة تحتاج إلى تفسير. ذلك أن المثقفين بالعربية أصبحوا يرفضون الدارجة والفلكلور والشعر الملحون باعتباره (كلام العوام) (?).

وقد فسر ديبارمي هذه الثورة اللغوية بالتطور السياسي لبلاد المغرب عموما. ذلك أن هذه المنطقة تتقوقع حول نفسها إذا ما حاصرتها الدول الإسلامية (الخلافة من المشرق أو من المغرب، كما يقول) فتصبح مهتمة بالفكرة الإقليمية أكثر من الفكرة الإسلامية أو العالمية. أما في وقته فقد أصبحت بلاد المغرب العربي محاصرة بدولة نصرانية. لذلك كان على أهل هذه البلاد أن يبحثوا عن قواعدهم في الأصالة والرجوع إلى الجسور القديمة والروابط الإسلامية. وأول ما يفعله مواطن هذه البلاد عندئذ هو أن يتكلم لغته. واستشهد بكلام جريدة النجاح (أول يناير 1931) الذي وجهته إلى الشباب طالبة منهم الإبقاء على الفصل بين العربية والفرنسية وأن لا يرطنوا بكلام عربي ممزوج بالفرنسية. وفي عدد آخر من النجاح نفسها (15 يناير 1930) قالت: إن العربية هي لغة آبائنا وأجدادنا، ولغة نبينا وكتابنا المقدس، وعلينا أن نحميها وننشرها. وأضافت البلاغ أن العربية والعقيدة توأم (21 أكتوبر 1930). وأن دراسة العربية تضمن للجزائري الشخصية أو الذاتية والجنسية، بينما دراسة الفرنسية تجعله لا يعرف، حسبما روى ديبارمي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015