والأدباء) لا تدل على تمكن قوى في اللغة والأدب، وكان أسلوب فيه أسلوب العالم المتوسط الثقافة. وكان باي قسنطينة وباي التيطري يتخذان كتابا لا نعرف عن آثارهم شيئا، رغم أن وثائق الحاج أحمد باي تشهد على أن شهادات ومحاضر للعلماء قد صيغت لإعلان الولاء له أو مراسلة السلطان العثماني لصالحه. وهي على كل حال شهادات ووثائق إدارية وليست أدبية متميزة، رغم وجود أشخاص مثل أحمد العباسي ومحمد العربي بن عيسى.

وفي العاصمة عرف هذا العهد ابن العنابي والكبابطي. وكلاهما من رجال الدين والإفتاء. فإذا رجعنا إلى آثارهما لم نجد فيها مسحة أدبية تدل على أسلوب خاص. خذ مثلا كتاب (السعي المحمود) - ألف سنة 1826 - لابن العنابي فإنك ستجده مليئا بالنقول والأسلوب الفقهي لا الأدبي. وأما رسائل ابن الكبابطي التي عثرنا عليها فهي فقيرة في المعاني وفي الروح الأدبية والأسلوب، وهي قصيرة لا يمكن أخذ نموذج منها على وجود فن الأدب، رغم أن الكبابطي كان ينظم الشعر أيضا. ويبدو أن فن النثر قد تطور على يد هؤلاء وأمثالهم (ابن رويلة، وابن الشاهد، الخ.) على إثر أزمة دينية - فكرية، وهي وجوب الهجرة من الجزائر أو البقاء فيها رغم الاحتلال. وسنعرض إلى ذلك في حينه.

وفي قسنطينة القريبة جغرافيا من جامع الزيونة والمتأثرة بالثقافة المشرقية أكثر من غيرها، نجد مجموعة من رجال الدين والوظائف الرسمية والتدريس. ملتفة حول بلاط الحاج أحمد باي والمدرسة الكتانية ومساجد المدينة وزواياها. ولكن لا عائلة ابن باديس ولا عائلة الفكون كان لها عندئذ أديب لامع. كان الشيخ أحمد العباسي هو الذي يشار إليه عندئذ، ولكن بصفته علما من من أعلام النحو والتدريس والقضاء وليس الأدب. وهناك أسماء لأشخاص متصلين بالزوايا أمثال الشيخ أحمد المبارك، وهو، كما سنرى، مثقف له معارف كثيرة ولكنه ليس أديبا. وقل مثل ذلك في المكي البوطالبي وفي مصطفى بن جلول ومحمد العربي بن عيسى. إنه من الغريب حقا ألا نجد فى قسنطينة عندئذ سوى هذه المجموعة من الأعيان وأمثالهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015