اللاحقين تبينوا ريادة آراء عربان وتبين لهم صوابها ولكن بعد فوات الوقت، مثل ماسكري والمارشال ليوتي، والبان روزي، ولوروا بوليو. وفيكتور باروكان. وهناك آخرون ظلوا بالطبع مضادين لآرائه إلى آخر رمق (?).
ومنذ 1848 كتب فريدريك أنجلز عن الجزائر وهزيمة الأمير عبد القادر وعن سجنه في فرنسا. وكان إنجلز يراسل جريدة (النجم الشمالي - N. Star) الإنكليزية من باريس (?). وقد حبذ القضاء على مقاومة الأمير لأن ذلك سيفسح المجال في نظره لتمدين الشعب الجزائري (البرباري). وكان ذلك في عام صدور البيان الشيوعي المشهور، وثورة 1848 الفرنسية والأوروبية، التي قامت بها التيارات اليسارية، كالاشتراكية والرومانتيكية والليبرالية في المجتمع الغربي.
وبعد حوالي عشر سنوات تبين إنجلز أن الفرنسيين لم يأتوا إلى الجزائر للتمدين وإنما للتخريب والتسلط. ووصف الفرنسيين بالغزاة الذين قاموا بحرب بربارية. وكتب مقالة بعد ثورة زواوة سنة 1857 وما تلاها من حرق المداشر (القرى) وتشريد السكان، في عهد المارشال راندون. وقد حكم أنجلز على الاستعمار الفرنسي بالفشل الذريع، رغم الإعلانات المتفائلة بنجاحه، ورغم ما تقوله الصحافة الفرنسية في الموضوع. وكان الرأي العام الفرنسي عندئذ مأخوذا بحادثة الضابط (دوانو) رئيس المكتب العربي في تلمسان والفضيحة التي انجرت عن محاكمته والفساد المستشري في الإدارة الفرنسية في الجزائر. وقد رأى بعض الكتاب الفرنسيين المتأخرين. أن موقف إنجلز كان معادي لهم، ولكنهم يذكرونه للأمانة والموضوعية (?).