بالترجمة بين المسؤولين الجزائريين والأجانب في الماضي. وبدأت آلية الإدارة تتحرك في كل اتجاه وقع احتلاله. واحتيج إلى فريق آخر من التراجمة والخبراء فالتحقوا من فرنسا مدعومين من مدرسة اللغات الشرقية، وكلما تحرك الجيش في اتجاه كان معه الخبراء والمترجمون. ونشأت بلدية مدينة الجزائر، ثم توالت نواة الإدارة في وهران وقسنطينة وعنابة الخ .. وتكون (المكتب العربي) العسكري في المدن والقرى. وأصبح الذين يتولونه من المستعربين العسكريين، ومعهم مترجمون أيضا. وأخذ اهتمام المكاتب العربية بالسكان يزداد للتعرف على عاداتهم ولهجاتهم وتراثهم وأنسابهم وطرق معاشهم. وحصلوا من أجل ذلك على وثائق ومخطوطات نادرة. ثم شرعوا في حركة جمع وترجمة وتأليف اعتبرت هي الأولى من نوعها في مسيرة الاستشراق في الجزائر.
وقد واكبتهم في الحياة المدنية حركة أخرى موازية ومكملة. وتمثل ذلك في جمع المخطوطات وإنشاء المكتبة العامة بالجزائر على يد أدريان بيربروجر وهو أيضا من علماء الآثار. وقد أجرى هو وغيره، مثل كوفي، حفريات عديدة، معظمها عن آثار الكنيسة وبقايا الرومان. وسنذكر دور بيربروجر في موضع آخر. كما قام الفنانون برسم رسومات في الجزائر، منطلقين من رغبتهم في معرفة حياة الشرق التي قرأوا عنها في ألف ليلة وليلة (?). كما أن جوني فرعون ثم برينييه انطلقا في تدريس اللغة العربية، الفصحى والعامية، للفرنسيين لكي يكون في استطاعتهم الاتصال المباشر مع السكان. وهذا هو ما أطلق عليه فيما بعد إسم (كرسي اللغة العربية).
وهكذا انطلقت الإدارة العسكرية (المكاتب العربية) والإدارة المدنية (بخبرائها وفنانيها ومترجميها) في معرفة حياة الجزائر العربية الاسلامية، أو معرفة الشرق من خلالها، كما كانت تصوره الدراسات الاستشراقية إلى ذلك