هذه هي المرحلة الأولى من مراحل ظهور حركة الجامعة الإسلامية في نظرنا. أما المرحلة الثانية فقد أخذت في الظهور في السبعينات من القرن الماضي على 80 جمعية العروة الوثقى السرية وجريدتها العلنية، وبقيادة السيد جمال الدين الأفغاني. ولا نريد أن نطيل في كيفية ظهورها وتطوراتها والعراقيل التي واجهتها في الهند ومصر وفارس واسطانبول وكابول. ولكن نقول إن الجزائر في تلك الأثناء كانت واقعة تحت كلكل الاستعمار الفرنسي، وأنها كانت تتململ وتثور، كما حدث سنة 1871 - 1881، ولم تكن أبدا منعزلة عما يجري في المشرق من أحداث حتى قبل بدء المرحلة الثانية للجامعة الإسلامية.

فقد كانت حرب القرم فرصة لتجديد الصلات والعلاقات بين الجزائريين والمشرق، وبينهم وين العثمانيين. والتقى خلالها الجنود الجزائريون ببعض آبائهم وأجدادهم الذين هاجروا إلى المشرق وتطوع بعضهم للدفاع عن الدولة العثمانية. كانت حرب القرم فرصة لاستعادة الذكريات لقربها من عهد الاحتلال (ربع قرن فقط). ولا شك أن آباء المتطوعين قد حدثوهم عن الجزائر قبل الفرنسيين، والعلاقات السابقة بين المسلمين. وقد قام وفد جزائري بزيارة فرنسا لإهداء نابليون الثالث راية مطرزة بالذهب وتقديم كمية من المال، ونحو ذلك من الرموز. وكان الوفد يتألف من رجال الدين والتجار والأعيان (?). وكان أهل مدينة الجزائر وراء هذه اللفتة الحضارية، وكانت الرسالة التي حملها الوفد إلى نابليون تضم 300 توقيع من رجال الدين والعلماء والأعيان من القطر كله. وقد بقي الجنود الجزائريون في المشرق نحو عشرين شهرا، وكان عددهم حوالي 2200 جندي.

وكانت الصحف الفرنسية الصادرة بالجزائر تنشر أخبار حرب القرم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015