القضية الإسلامية، ولكن الباي (حسين ثم أحمد) كان تحت ضغط فرنسا أيضا، فكان الباي يقدم المعونة إلى الفرنسيين بدل تقديمها للشعب الجزائري. فقد منع وصول النجدات العثمانية عن طريق تونس إلى الجزائريين، سيما إلى الحاج أحمد، باي قسنطينة. وأصبح قنصل فرنسا في تونس يتصرف بدون قيود، كما لو كان في بلاده. ومن جهة أخرى اتفق باي تونس وكلوزيل، قائد الجيش الفرنسي في الجزائر، على (شراء) إقليمي وهران وقسنطينة بدفع تونس أتاوة للحكومة الفرنسية.
وكان موقف باشا طرابلس مع المقاومة منذ البداية ولكن لا سبيل له إلى إنجادها إلا عن طريق تونس. كما أن السلطات العثمانية قضت بتغيير الحكم في ليبيا (1835) وألحقت الإيالة بالباب العالي مباشرة، ولعلها كانت تهدف إلى جعل ليبيا ركيزة قوية لحماية تونس من الوقوع في قبضة الفرنسيين من جهة ودعم المقاومة الجزائرية من جهة أخرى. وقد جرت عدة محاولات في هذا الشأن ولكنها باءت بالفشل، لضعف الدولة العثمانية نفسها وحربها مع محمد علي والي مصر، وكثرة مشاكلها في البلقان والبحر الأسود.
ومنذ انسحاب محمد علي والي مصر، من مشروع الحملة ضد الجزائر توجه اهتمامه نحو المشرق - نحو الحجاز وسورية بدل المغرب العربي. وكان محمد علي قادرا على التأثير في السياسة الفرنسية ونجدة الجزائريين، ولكنه في نفس الوقت كان طموحا لتحقيق مآرب أخرى على أنقاض الدولة العثمانية المتداعية. كما أن الفرنسيين كانوا يمنونه ويوجهونه نحو قواعد الدولة العثمانية وليس نحو أطرافها، كالجزائر. وكلما حاولت هذه الدولة التدخل لنجدة الجزائر وجدت جيش محمد علي عند إحدى مدنها وقلاعها. يضاف إلى ذلك المعارضة الدينية والعسكرية للإصلاحات في اسطانبول، وثورات البلقان، ومحاصرة فرنسا مضايق صقلية، وبذلك بح صوت الجزائريين في طلب النجدة الإسلامية، وكان عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم في مواجهة الغزو الفرنسي.