والملاحظ هنا أن الإدارة المالية الفرنسية قد تركت لوكلاء المساجد والزوايا الإشراف المؤقت على ما سمي بالأوقاف الخاصة والصغيرة. مثلا وقف مسجد، أو قبة، أو زاوية، أي ذات المردود الضئيل بالنسبة لمردود الأوقاف العامة. وكذلك نلاحظ أن أوقاف مكة والمدينة التي هي ملك مشاع للمسلمين في الجزائر وفي غيرها قد حولت عن غرضها الأصلي، وأن أوقاف بيت المال قد زادت زيادة كبيرة، وأن أوقاف الثعالبي تعتبر من الأوقاف الغنية الخاصة لأنها أوقاف زاوية معينة، ومع ذلك صودرت ووضعت مباشرة من البداية تحت الإدارة المالية لوفرة دخلها.

إن الإدارة الفرنسية لم تبق على هذه الأملاك كأمانات، بل تصرفت فيها بالبيع والعطاء والتأجير ونحو ذلك، كما تصرفت فيها بالهدم والتحويل والتعطيل والاحتلال العسكري والمدني. وقد قال تقرير يرجع إلى سنة 1839 إن حوالي نصف المنازل التابعة للأوقاف الدينية قد اختفى بالهدم أو منح للمصالح العامة، مدنية وعسكرية ودينية. ومع ذلك فإن المداخيل والعوائد قد تضاعفت من الصدقات والتبرعات، حتى أنه بين سنة 1834? 1839 ازداد الدخل من 36، 000 ف إلى 72، 000 ف. وذلك دون الأخذ في الاعتبار المساعدات التي خرجت منها للفقراء. ولك أن تسأل: أين حق أصحاب الحقوق في هذه الأموال الطائلة كلها؟ إن التعويض المنصوص عليه لم يقع، فهناك من بيعت حقوقهم في أملاك الوقف أو هدمت المباني أو أعطيت للأوروبيين أو استولت عليها المصالح العسكرية والمدنية، ولكن دون دفع التعويضات لأصحابها. وقد قال أوميرا بهذا الصدد إن تحويل المصالح والتصرف في البنايات الدينية التابعة للأوقاف قد وقع دون تعويض من له الحق فيها. وإن هذا الإجراء التعسفي لا يلغي حق أصحاب الحقوق السابقة في أملاكهم، لأن الأهالي يظلون مالكين بالشروط التي نص عليها القانون (?). وقد قلنا إن فقراء مكة والمدينة لم تعد تصلهم حقوقهم أيضا ولا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015