إننا اكتفينا بهذه المواد الأربع من الثمانية، وهي الأساسية في نظرنا، لأن الأولى تحدد أنواع الوقف المصادر، وتصفه، والسابعة تسمى الأشخاص المسؤولين عنه، والثالثة تخبر عن مكافأة الواشين ضد المتسترين، ومن ثمة العقوبة والجزاء، أما الخامسة فتنص على تقديم الحسابات. وهذا هو أسلوب كلوزيل الذي استفتح به فترة الاحتلال، فهو أسلوب التهديد والوعيد ومكافأة الواشين على المتسترين، وغير ذلك من وسائل الضغط والإرهاب المادي والمعنوي.

لكن هذا القرار على صرامة لهجته لم ينفذ كله. فأمام الاحتجاجات من الوكلاء وعلماء المساجد، طبق منه ما يتعلق بالمباني العامة (مكة والمدينة ...) وأجل منه ما يتعلق بالمساجد ونحوها مما يسمى بالأملاك الخاصة. ومع ذلك فقد وضعت الإدارة يدها بمقتضاه على كل شيء في الأملاك الدينية سواء كانت خاصة أو عامة. فمن جهة نفذت الإدارة عملية المصادرة ولم يقع بشأنها أي تراجع. ومن جهة أخرى وضعت الوكلاء تحت الرقابة الإدارية الضيقة، وأصبحوا مطالبين بتقديم الحسابات والحصول على الرخص في كل ما له علاقة بالصرف. ولذلك فنحن لا نوافق من يذهب إلى أن القرار قد (بقي حبرا على ورق) (?)، بخصوص المساجد، إلا إذا كنا نتوقع أن يتصرف الفرنسيون في المساجد مباشرة منذ الوهلة الأولى. فقد زعم صاحب هذا الرأي أن الحكومة ترددت أمام العراقيل وأمام ضغط السكان والوكلاء الذين لهم مصالح مادية في استمرار الأوقاف خارج أملاك الدولة الفرنسية، كما زعم أن الوكلاء كانوا يتحايلون، ولم تتخذ الإدارة الفرنسية قرارها النهائي بشأن المساجد والزوايا ونحوها إلا سنة 1843 ثم أكدته بقرار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015