ولكن هذا النسيج قد تغير بعدة عوامل، من بينها المساس بالحالة المدنية والألقاب، فقد فرض الفرنسيون على كل عائلة أن تختار لقبا خاصا بها يحمله الأبناء والأحفاد على الطريقة الأوربية، ولم يكن الجزائريون واعين بأهمية وخلفية هذا التغيير إلا القليل منهم، فاختاروا لأنفسبهم وأولادهم ألقابا تبعدهم عن أصولهم وتنسيهم ماضيهم وانتماءهم وتفصلهم عن أقاربهم في الدم والنسب، وكان هدف الفرنسيين البعيد هو اقتلاع جذور المجتمع وقطع العلاقات مع الماضي العربي الإسلامي، وتحضير المجتمع للدمج في الغير، وهم الفرنسيون، وقد ذكر شارل روبير آجرون نمموذجا للمسخ الذي حدث بفرنسة الأسماء والأعلام في الجزائر: فهذه مريم بنت علي بن محمد بن موسى قد أصبحت ماري موسات (?) Mari Moussat، وقد كان على القضاة أن يسجلوا ذلك في السجلات وأن ينادوا الناس بالألقاب الجديدة الممسوخة، ولا حول لهم ولا قوة في القول إن ذلك مخالف لأصول المجتمع وقواعد الدين، وقد قاوم الجزائريون ذلك وظلوا ينادون بعضهم بأسمائهم الإسلامية في أغلب الأحيان.
7 - وقد دخلت بعد ذلك مصطلحات جديدة في القضاء والمحاكم، وكلها تقريبا مصطلحات مترجمة عن الفرنسية ولا عهد للشريعة الإسلامية بها، فأصبح هناك: محاكم الجنايات، ومحاكم العرف، والمحاكم الابتدائية، ومحكمة النقض والإبرام، ومحكمة الجرائم، ومحكمة (دائرة) الاستئناف، والمجالس التأديبية، وغرفة الاتهام، والتشريع الكمي، والأحكام المستعجلة، ثم المحلفون، وأعوان الشرع، والمحامون، والمختصون في تقديم القضايا، وشهود المعاملات، والمترجمون الشرعيون، والمترجمون المحلفون، ثم التغريم المشترك أو الجماعي، وحجر الأملاك، بالإضافة إلى المحاكم العسكرية أو المجالس الحربية.
وبعد قرن (1930) من الاستعمار، كان عدد المحاكم الجنائية 4،