3 - أدخلت الجمهورية الثالثة أيضا نظام المحلفين بمرسوم 28 أكتوبر 1870، وهو نظام غير مألوف في القضاء الإسلامي، وكان المحلفون في الجزائر يتألفون من المستوطنين الفرنسيين الحاقدين على الجزائريين لمقاومتهم العنيدة للاحتلال ومصادرة الأرض، فوجد المستوطنون الفرصة للانتقام عن طريق نظام المحدفين الجديد، ولا سيما فيما يتعلق بانتزاع ما بقي من الأراضي وقمع الثورات، وبعد تجنسهم بالجنسية الفرنسية أصبح اليهود أيضا من المحلفين، ولذلك نظر الجزائريون إلى نظام المحلفين على أنه يعني حكم المستوطنين فيهم وسيطرتهم على مقاليد البلاد بدل الحكومة الفرنسية، وقد أكثر المحلفون من إصدار الأحكام ضد الأهالي، ففي سنة 1872 أصدروا الحكم ضد 620 شخصا، والحكم بالإعدام على 71 نتيجة حرائق الغابات، ويقول آجرون: إن الكولون (وفيهم اليهود) أرادوا أن يكونوا هم القضاة، وكانوا يحكمون حتى على الرؤساء الأهالي، وكانت فظاعة هذه الأحكام هي التي أدت إلى عنف المقاومة (?).
4 - وكان قانون الأرض لسنة 1873 الذي سارع بإنجاز قانون 1863 الخاص بإنشاء الملكية الفردية في الأرض، قد أدى إلى تقليص مسؤولية القاضي المسلم في الأحكام الخاصة بالأرض، فقد ألغى قانون 1873 حق القضاة المسلمين في النظر في مسائل الملكية (?). إضافة إلى قانون سنة 1874 الخاص بزواوة والذي يكرس القضاء في يد القاضي الفرنسي فقط، وزاد الطين بلة صدور قانون 1875 الذي ألغي مجالس القضاء التي أنشئت سنة 1866، والتي اعتبرت من مخلفات عهد المملكة العربية (عهد نابليون الثالث) كما ألغي بنفس القانون (المجلس الفقهي). رغم أنه مجلس استشاري فقط، كما رأينا، وهكذا ظهرت الجمهورية الثالثة وهي تضرب بعنف كل رمز من رموز الهوية الجزائرية، ومنها القضاء الإسلامي (?). ومن