مجالس استشارية، وكان على المسلمين أن يستأنفوا أحكامهم أمام المحاكم الفرنسية، وأن يخضعوا لما يخضع إليه الفرنسيون من إجراءات وتدقيق وترجمة وحقوق الدفاع وتولية المحامين، رغم بطء هذه المحاكم وتعقيداتها وغلاء تكاليفها مما لم يتعود عليه المسلمون، وكان يكلفهم مالا ووقتا للانتظار، وكثيرا ما ضاعت حقوقهم في تلاعب المترجمين والمحامين والقضاة الفرنسيين، وقد صدر بذلك مرسوم في 31 ديسمبر 1859 (?) تصادف أيضا مع استرجاع منصب الحاكم العام في الجزائر الذي تولاه المارشال ببليسييه سنة 1860.
ورغم إلغاء مرسوم 1859 تحت ضغط الكولون، فإن زيارة نابليون للجزائر، ولا سيما الزيارة الثانية سنة 1865، قد كشفت له أن القضاء الإسلامي قد جرد من محتواه وأن التقاضي أمام المحاكم الفرنسية كان مكلفا للجزائريين، ووصلت شكاوى كثيرة وتذمرات إلى المكاتب العربية من القضاة وغيرهم، ومن تلك الشكاوى أن القضاة الفرنسيين لا يعرفون العربية، وأنهم يجبرون المرأة المسلمة على الظهور أمامهم سافرة، فكان الاتجاه نحو إنشاء اللجنة المعروفة باسم (لجنة قاستنبيد) سنة 1865، كان رئيسها يوجين قاستنبيد، عضوا في مجلس الدولة ومستشارا في محكمة الاستئناف بباريس، ومن أعضاء اللجنة بيري، الذي كان قد صاغ مرسوم 1859، وهو رئيس محكمة الاستئناف بالجزائر، ومنهم أيضا دي كليري المدعى العام، بالإضافة إلى إسماعيل عربان (توماس أوربان) الذي كان عندئذ مستشارا للمحاكم في الشؤون الأهلية، والعقيد قريزلي رئيس المكتب السياسي، وكان سابقا من رجال المكاتب العربية.