عقد أول دوراته في 25 غشت 1855 (?). وكانت صلاحيات هذا المجلس تنحصر في مراقبة سير المجالس المحلية المشابهة وقضايا محاكم القضاة في مختلف الدوائر.
لم يلبث الفرنسيون أن تراجعوا عن تجربة المجالس القضائية والمحاكم الإسلامية والمجلس الفقهي الاستئنافي، فقد تبينوا أن ذلك كان خطأ منهم، وأنه لا يخدم مصالحهم التي تقتضي جعل كل شيء في الجزائر تابعا لهم وليس مستقلا عنهم، فقد تبينوا أن التجربة ترجع بالقضاء الإسلامي إلى استقلاليته الأولى، واستقلال القضاء يعني الكثير، سيما وأن معظم القضاة كانوا من المتعلمين ذوي الأصول المرابطية والعلمية المتنفذة في البلاد، وبعضهم كان قد تولى القضاء في دولة الأمير وله تكوين سياسي واضح، وقد شن المستوطنون حملة ضد المجالس واستقلال القضاء الإسلامي ونافى وا بضرورة وضعه تحت القضاء الفرنسي، ونددوا بالعسكريين الذين كانوا في نظرهم يحمون القضاة المسلمين، وكان للتجربة الإدارية والجديدة أيضا دخل في هذا التغيير في المحاكم والمجالس الإسلامية، فقد ألغيت وظيفة الحاكم العام في الجزائر لأول مرة سنة 1858، وأنشئت في فرنسا وزارة الجزائر والمستعمرات، ودامت هذه التجربة سنتين فقط، ثم عادت وظيفة الحاكم العام، وخلال ذلك التغيير قدم الوزير شاسلو - لوبا تقريرا سنة 1859 انتقد فيه بشدة إنشاء المجلس الاستئنافي الإسلامي والمجالس القضائية الإسلامية، وكان ذلك صدى لنقد المستوطنين الذي ذكرناه، كما وقعت عدة (فضائح) بين 1856 - 1858 ينسبها المدنيون إلى المكاتب العربية العسكرية التي كانت تتعامل مع القضاة المسلمين.
وهكذا اجتمعت كل العناصر على إلغاء تجربة المجلس الفقهي الاستئنافي وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل تنظيم 1854 بشأن القضاء الإسلامي، فقد أصبحت المجالس لا تقرر شيئا وإنما تعطي رأيها فقط، فهي