وفي المرحلة الثالثة حاول الفرنسيون أن يضعوا الزوايا تحت أنظارهم، كما أشرنا. فصدر مرسوم 18 أكتوبر 1892 فأدمج تعليم الزوايا في المدارس الابتدائية الفرنسية. وأخضعها للمراقبة وتفتيش السلطات الأكاديمية المدنية أو المحلية (العسكرية) مثلها في ذلك مثل المدارس الإقليمية الثلاث (الشرعية). وقد اشترط المرسوم أن يكون لكل زاوية سجل تسجل فيه أسماء التلاميذ وعائلاتهم ومحل إقامتهم وتاريخ ميلادهم ألخ. بنفس ما تفعل المدارس الفرنسية. ويعترف الفرنسيون أن الزاوية عند المسلمين عندئذ تعني المكان الذي تدرس فيه اللغة العربية والقراءة والكتابة ويحفظ فيه القرآن، ويتعلم فيه التاريخ والجغرافية والفقه والفلسفة والتوحيد. وإلى جانب كونها مدرسة فهي مأوى وملجأ ومستوصف، وهي ضريح المرابط أو شيخ الطريقة ودار الضياف ومجمع الأخوان (?).
ورغم ما قد يبدو من مرسوم 18 أكتوبر 1892 من تسامح نحو الزوايا الباقية (وهو تسامح مقصود يدخل في سياسة كامبون نحن رجال الدين من جهة وسياسة فرنسا الإسلامية من جهة أخرى)، فإن كل الدلاثل تدل على أن الفرنسيين قد خططوا لعرقلة التعليم في الزوايا ومنافسته ووضع الشروط المضادة له وسحب التلاميذ منه وعدم التوظيف من خريجي الزوايا. وقد كانت النتيجة أن أعلن ألفريد بيل سنة 1908 قوله (يجب ألا ننزعج من تناقص التعليم في الزوايا، ذلك أن المدرسين الرسميين بالمساجد (التنظيم الجديد) قد حلوا محل معلميها كما حلت المدارس الابتدائية والتحضيرية الفرنسية