مستغلا جهل الناس). وقد رأى صاحب التقرير أنه من الأفضل إعادة تنظيم الزوايا بما يخدم المصلحة الفرنسية، وإعطاء التعليم العربي في المدن إلى معلمين مسلمين برهنوا على ولائهم. والمهم أن صاحب التقرير يعترف بأن الحكومة الفرنسية إنما أنشأت المدارس الشرعية الثلاث لملء ذلك الفراغ وتفادي الخطر الأجنبي ومحاصرة تعليم الزوايا. وبناء عليه فأنه يوجد بالبادية 8.092 متعلما في المرحلة المتوسطة والثانوية، و 427 مركزا أو زاوية (?). وقد ذكرنا أن هدف مرسوم 30 سبتمبر 1850 كان جعل الزوايا الريفية التي كان يسيطر عليها في نظر الفرنسيين، (معلمون متطرفون ومتعصبون، تحت تصرفنا بالتدرج) (?).
وحين نتحدث عن الزوايا في منطقة زواوة سنعرف أن هناك نموذجا آخر للمؤسسة التعليمية، فقد كانت للزوايا هناك أراضي خاصة يحرثها الأهالي وتذهب محاصيلها إلى طلبة الزاوية، كما يدفع الأهالي عشر المحاصيل للزاوية. فالتعليم هناك مجاني، والطلبة كانوا يتناولون فيها طعامهم أيضا. وقد لاحظ البعض أن هذا النمط من الحياة هو الذي جعل العرب يهتمون بالحياة الفكرية أكثر من اهتمامهم بالأعمال اليدوية (?).
ويذهب لوروي بوليو أن الزوايا توازي المدارس الثانوية في فرنسا في وقته. وقال أنها تدرس القرآن والتفسير والفقه والحديث، وأن القضاة المسلمين كانوا يتخرجون منها، ولكن الآن (الثمانينات) أصبحوا يتخرجون من المدارس الشرعية - الفرنسية في العاصمة وتلمسان وقسنطينة، التي أصبحت مهمتها تحضير الشبان العرب لوظائف القضاء الإسلامي (?).