ويشترط في الحديث الضعيف عند أحمد حتى يقبل ويعمل به أن لا يكون باطلا ولا منكرا ولا في سنده متهم، فيكون قريبا من الحسن. قال ابن القيم: وليس المراد بالضعيف عنده الباطل، ولا المنكر، ولا ما في روايته متهم؛ بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى: صحيح، وحسن، وضعيف، بل إلى صحيح، وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه، ولا قول صاحب، ولا إجماعا على خلافة، كان العمل به عنده أولى من القياس.
5- القياس:
إذا لم يكن عند الإمام أحمد في المسألة نص ولا قول الصحابة، أو قول واحد فيهم ولا أثر مرسل أو ضعيف، عدل إلى الأصل الخامس وهو القياس، فاستعمله للضرورة، وقد قال في كتاب الخلال: سألت الشافعي عن القياس فقال: إنما يصار إليه عند الضرورة، أو ما هذا معناه.
وذكر القاضي أبو يعلى: أن القياس العقلي يجب القول به، والعمل عليه، وأن الإمام أحمد احتج بدلائل العقول في مواضع، وقال في مسألة القياس الشرعي يجوز التعبد به وإثبات الأحكام الشرعية من جهة العقل والشرع، وقال: لا يستغنى أحد عن القياس، وعلى الحاكم والإمام يرد عليه الأمر أن يجمع له الناس، ويقيس ويشبه كما كتب عمر إلى شريح: أن قس الأمور.
ومن استعمالات الإمام أحمد للقياس أنه صح تحريم ربا الفضل فيما روى عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، يدا بيد؛ فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم يدا بيد". "رواه أحمد ومسلم، وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد رضي الله عنه بنحوه".