عظيمة خلفها السابقون من المجتهدين، فيما دون من كتب في مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، واتصل بنفسه بالشافعي، فاستثمر هذا الفقه فيما لديه من علوم السنة، وتميز بمنهجه الفقهي الذي يغلب عليه طابع السنة فإن دراسة السنة في عهده قد نضجت كذلك، وعنى العلماء بها دراية ورواية، واهتم أحمد بتحصيلها، وأكب على دراستها؛ فكان إماما في الحديث والفقه، وفي مسنده خير شاهد على إمامته في الحديث.
وفي عصر أحمد اشتد الاحتكاك الفكري وكثر الجدل بين الفقهاء من جانب، وبينهم وبين علماء الكلام من المعتزلة والجهمية والمرجئة من جانب آخر، وكذلك بين قول أهل الكلام أنفسهم ولم يكن أحمد بعيدا عن هذا، فاتجه إلى تحصيل السنة، والتعرف على فتاوى الصحابة، وكبار التابعين، ونفر من الجدل والمجادلين، وإن كان موقفه من القول بخلق القرآن يشهد بعظم فضله.