المسيب؛ فكتب أن اعرضه على السيف، فإن مضى فاجلده خمسين جلدة، وطف به في أسواق المدينة.

فلما قدم الكتاب على الوالي دخل سليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله، على سعيد بن المسيب، وقالوا: جئناك في أمر، قد قدم كتب عبد الملك: إن لم تبايع ضربت عنقك، ونحن نعرض عليك خصالا ثلاثا، فأعطنا إحداهن، فإن الوالي قد قبل منك أن يقرأ عليك الكتاب، فلا تقل: لا، ولا نعم، قال: يقول الناس، بايع سعيد بن المسيب!! ما أنا بفاعل.

وكان إذا قال لا، لم يستطيعوا أن يقولوا نعم.

قالوا: فتجلس في بيتك، ولا تخرج إلى الصلاة أياما؛ فإنه يقبل منك إذا طلبك من مجلسك فلم يجدك، قال: فأنا أسمع الأذان فوق أذني حي على الصلاة، حي على الصلاة!! ما أنا بفاعل. قالوا: فانتقل من مجلسك إلى غيره؛ فإنه يرسل إلى مجلسك، فإن لم يجدك، أمسك عنك، قال: أفرقا1 من مخلوق! ما أنا بمتقدم شبرا ولا متأخر.

فخرجوا، وخرج إلى صلاة الظهر، فجلس في مجلسه الذي كان يجلس فيه؛ فلما صلى الوالي بعث إليه، فأتى به، فقال: إن أمير المؤمنين كتب يأمرنا، إن لم تبايع ضربنا عنقك. قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بيعتين؛ فلما رآه لم يجب أخرج إلى السدة، فمدت عنقه، وسلت السيوف، فلما رآه قد مضى، أمر به فجرد فإذا عليه تبان2 شعر، فقال: لو علمت أني لا أقتل ما اشتهرت بهذا التبان فضربه خمسين سوطا، ثم طاف به أسواق المدينة؛ فلما ردوه والناس منصرفون من صلاة العصر، قال: إن هذه الوجوه ما نظرت إليها منذ أربعين سنة، ومنعوا الناس أن يجالسوه فكان من ورعه إذا جاء إليه أحد، يقول له: قم من عندي، كراهية أن يضرب بسببه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015