تفعل؟ قلت: نعم، قال: ثم حمد الله، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على درهمين، أو قال على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فعدت إلى منزلي، وجعلت أفكر ممن آخذ وأستدين، وصليت المغرب، وكنت صائما؛ فقدمت عشاي لأفطر، وكان خبزا وزيتا، وإذا بالباب يقرع، فقلت: من هذا؟ قال: سعيد؛ ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب؛ فإنه لم يرمنذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وخرجت وإذا بسعيد بن المسيب، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد ... هلا أرسلت إلى فأتيتك؟ قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، قلت: فما تأمرني؟ قال: رأيتك رجلا عزبا قد تزوجت، فكرهت أن تبيت الله وحدك، وهذه امرأتك؛ فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم دفعها إلى الباب ورد الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقت من الباب، ثم صعدت إلى السطح، فناديت الجيران، فجاءوني وقالوا: ما شأنك؟ فقلت: زوجني سعيد بن المسيب اليوم ابنته، وقد جاء بها على غفلة، وها هي في الدار، فنزلوا إليها، وبلغ أمي؛ فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها ثلاثة أيام، فأقامات ثلاثا، ثم دخلت بها؛ فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظهم لكتاب الله تعالى، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، قال: فمكث شهرا لا يأتيني ولا آتيه، ثم أتيته بعد شهر وهو في حلقته، فسلمت عليه، فرد علي، ولم يكلمني حتى انقضى من في المسجد؛ فلما لم يبق غيري قال: ما حال ذلك الإنسان؟ قلت: هو على ما يحب الصديق ويكره العدو، قال: إن رابك شيء فالعصا، فانصرفت إلى منزلي".
وقد أبى سعيد بن المسيب أن يخالف ضميره في أحقية الولاية وأهليتها، وامتنع عن البيعة للوليد وسليمان، وعرض رقبته للسيف دون أن تلين له قناة قال يحيى بن سعيد: كتب هشام بن إسماعيل وإلى المدينة، إلى عبد الله بن مروان، إن أهل المدينة قد أطبقوا على البيعة للوليد وسليمان، إلا سعيد بن