وانتهى إلى علمه. ولن نتعرض لوصف هذه التصانيف لأنها ألفت بعد هذا العهد الذي نتحدث عنه.
وكان لتدوين الحديث أكبر الأثر في اتساع دائرة الحركة العلمية للفقه الإسلامي؛ حيث كان سببا في رحلة العلماء للرواية، وطوافهم بالبلدان، يأخذ بعضهم عن بعض فتبادلوا الآراء العلمية، ووقف علماء كل مصر على ما عند الآخرين.
ثم إن السنة جاءت مبينة للقرآن، واشتملت على أحكام لم تأت في كتاب الله عز وجل؛ فكان الاستناد إليها في الأحكام الفقهية أكبر عون للعلماء على استنباط حكم ما يجد من أحداث، وما يعرض للناس من أقضيات؛ ولا سيما أن تدوين الحديث كان أسبق من تدوين الفقه.
وكان لجهود أئمة الحديث وعلمائه في العصور المختلفة أثر كبير في الذب عن السنة والذود عن حياضها وتمييز الصحيح من السقيم فيها. وألف كثير منهم العديد من الكتب في الكشف عن الأحاديث الواهية، أو في تخريج أحاديث بعض الكتب وبيان درجتها أو في الأحاديث الضعيفة والموضوعة.
ومنهم من أفراد الموضوعات بالتأليف أو عنى بالأمارات الدالة على الوضع، وقد تناولنا المؤلفات في ذلك عند الكلام عن السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي.
وتواجه السنة اليوم هجمات شرسة من ذوي النفوس المريضة الذين يهدفون من وراء ذلك إلى توهين الثقة في الأحكام الشرعية وحجية السنة، ولم تقتصر هذه الهجمات على المستشرقين الذين ينفثون سمومهم بأساليب شتى؛ بل بلغ السيل الزبي في هجمات أدعياء العلم تارة وذوي الرئاسة القسرية في دنيا العرب تارة أخرى من الجهلاء الأغبياء.
وقد ورد الدكتور مصطفى السباعي في كتابه "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" على شبه أولئك جميعا ردا علميا مستفيضا سواء أكان هذا فيما يتصل بما كتبه "أبو رية" في كتابه "أضواء على السنة المحمدية" ومطاعنه في أبي هريرة. أو كان متصلا بشبه المستشرقين ...