"أ" فاستلحق معاوية زيادا، ورغب به عن أبيه عبيد الرومي، وقبل زياد هذا الاستلحاق والله تعالى يقول: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ، ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} 1.
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من ادعى لغير أبيه فليتبوأ مقعده من النار". رواه البخاري ومسلم.
وروى عن ابن حرملة قال: ما سمعت سعيد بن المسيب سب أحدا من الأئمة قط، إلا أني سمعته يقول: قاتل الله فلانا، كان أول من غير قضاء رسول الله وقد قال: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" يعنى بذلك استلحاق معاوية لزياد بن أبيه.
وقد تولى القاضي أبو بكر بن العربي الجواب عن هذه التهمة بما فيه الكفاية في كتابه "العواصم من القواصم" وبين أنه لا يعرف لزياد أب قبل دعوى معاوية على التحقيق، وله نسب بعبيد الثقفي بالحضانة، وقد استعمله عمر على بعض صدقات البصرة، وهو صحابي المولد، وما قيل من أن أبا سفيان اعترف به وأنه أتى أمه سمية في الجاهلية فأتت به ولم تكن سمية لأبي سفيان وإنما كانت للحارث بن كلدة طبيب العرب وهبها إليه كسرى، فهذا الكلام فيه مقال. وأما استلحق معاوية زيادا فلأنه سمع ذلك من أبيه، وقد اختلف العلماء فيما إذا استلحق الأخ أخا يقول: هو ابن أبي، ولم يكن له منازع فقال مالك: يرث ولا يثبت النسب، وقال الشافعي في أحد القولين: يثبت النسب. وقد كان زياد مجهول الأب، ويسمى زياد ابن أبيه، فالمسألة إذن اجتهاد من معاوية.
ب- واستباح بنو أمية التي حرمها الله، والمدينة التي حرمها رسوله، حيث استباح يزيد بن معاوية المدينة وانتهبها ثلاثة، وثنى عبد الملك بن مروان.