ثبت أن القرآن نزل على سبعة أحرف، كما روى عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "أقرأني جبريل "القرآن" على حرف، فراجعته، فلم أزل أستزيده ويزدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف"راه البخاري.
وأذن صلى الله عليه وسلم لكل من أصحابه أن يقرأ بما أخذ عنه من تلك الأحرف، تيسيرا لهم، وتخفيفا عنهم، ولم يكن بينهم من الاختلاف ما يدعو إلى المنع من ذلك، لقلته، واجتماع الصحابة وقلة عددهم بالنسبة لمن بعدهم، ولوجود الرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، ورجوعهم إليه فيما اختلفوا فيه، ولم تدع الحاجة في عهد أبي بكر وعمر لأكثر من جمع القرآن من غير ترتيب بين سورة، ولا إلزام للناس أن يقرأوا بحرف واحد من السبعة.
وفي عهد عثمان اتسعت الفتوحات الإسلامية، وتفرق القراء في الأمصار.
ووأخذ أهل كل مصر عمن وفد إليهم قراءته.
ووجوه القراءة التي يؤدون بها القرآن مختلفة باختلاف الأحرف التي نزل عليها، فكانوا إذا ضمهم مجمع أو موطن من مواطن الغزو، عجب بعضهم من وجوه هذا الاختلاف، وقد يقنع بأنها جميعا مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا لا يحول دون تسرب الشك للناشئة التي لم تدرك الرسول صلى الله عليه وسلم، فيدور الكلام حول فصيحها وأفصحها، وذلك يؤدي إلى الملاحاة إن استفاض أمره، ثم إلى اللجاج والتأثيم، وتلك فتنة لا بد لها من علاج.