صلى الله عليه وسلم إذا أنزلت عليه كرب لذلك وتربد وجهه، قال: فأنزل عليه ذات يوم فلقي كذلك فلما سرى عنه قال: خذو عني، خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكرش جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم" وأخرجه كذلك أحمد وأبو داود والترمذي.

وقال تعالى: في سورة النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} 1

قال النووي في شرح مسلم: أما قوله صلى الله عليه وسلم "فقد جعل الله لهن سبيلا" فأشار إلى قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا،} فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو ذلك السبيل، واختلف العلماء في هذه الآية، فقيل: هي محكمة، وهذا الحديث مفسر لها، وقيل: منسوخة بالآية التي في أول سورة النور، وقيل: إن آية النور في البكرين، وهذه الآية في الثيبين، وأجمع العلماء على وجوب جلد الزاني البكر مائة، ورجم المحصن وهو الثيب ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج وبعض المعتزلة كالنظام وأصحابه، فإنهم لم يقولون بالرجم.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "البكر بالبكر" والثيب بالثيب" فليس هو على سبيل الاشتراط، بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أم ثيب، وحد الثيبس الرجم سواء زنى بثيب أم بكر، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب.

واعلم أن المراد بالبكر من الرجال والنساء من لم يجامع في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل، سواء جامع بوطء شبهة أو نكاح فاسد أو غيرهما أم لا، والمراد بالثيب من جامع في دهره مرة في نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر. والرجل والمرأة في هذا سواء، وسواء في هذا كله المسلم والكافر، والرشيد والمحجور عليه لسفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015