قال الشوكاني: ولا يخفي ما في هذا الجواب من التعسف، ونصب مثله ي مقابلة أحاديث الباب من الغرائب، وكونه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك عند مقدمة المدينة لا ينافي ثبوت الشرعية، فإن هذا حكم شرعه الله لأهل الكتاب وقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا طريق لنا إلى ثبوت الأحكام التي توافق أحكام الإسلام إلا بمثل هذه الطريق، ولم يتعقب ذلك في شرعنا ما يبطله، ولا سيما وهو مأمور بأن يحكم بينهم بما أنزل الله، ومنهي عن اتباع أهوائهم كما صرح بذلك القرآن، وقد أتوه صلى الله عليه وسلم يسألونه عن الحكم، ولم يأتوه ليعرفهم شرعهم فحكم بينهم بشرعه، ونبههم على أن ذلك ثابت في شرعهم كثبوته في شرعه، ولا يجوز أن يقال: إنه حكم بينهم بشرعهم مع مخالفته لشرعه، لأن الحكم منه عليهم بما هو منسوخ عنده لا يجوز على مثله، وإنما أراد بقوله: "فإني أحكم بينكم بالتوراة" كما وقع في رواية من حديث أبي هريرة - إلزامهم الحجة، وأما الاحتجاج بقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُم} فغاية ما فيه أن الله شرع هذا الحكم بالنسبة إلى نساء المسلمين، وهو مخرج على الغالب كما في الخطابات الخاصة بالمؤمنين والمسلمين، مع أن كثيرا منها يستوي فيه الكافر والمسلم بالإجماع، ولو سلمنا أن الآية تدل بمفهومها على أن نساء الكفار خارجات والمسلم بالإجماع، ولو سلمنا أن الآية تدل بمفهومها على أن نساء الكفار خارجات عن ذلك الحكم، فهذا المفهوم قد عارضه منطوق حديث ابن عمر المذكور في البابن فإنه مصرح بأنه صلى الله عليه وسلم رجم اليهودية مع اليهودي

وكان حكم الزنا في ابتداء الإسلام الحبس بالنسبة إلى المرأة، والإيذاء بالنسبة إلى الرجل، قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} 1 ثم نسخ ذلك برجم الثيب وجلد البكر.

أخرج مسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: "كان نبي الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015