صالحة للناس كافة في كل عصر من العصور، تساير عوامل النمو والارتقاء، وتقود الحضارة الإنسانية إلى معالم الحق وسبيل الرشاد، ولهذا أكمل الله بها الدين وأتم النعمة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِينًا} 1.
الفرق بين التشريع السماوي والتقنين الوضعي:
تحدثنا آنفا عن كل من القانون الوضعي والتشريع السماوي، وبهذا يتبين الفرق بينهما، وقد ذكر هذه الفوارق على وجه التفصيل الشهيد عبد القادر عودة في مقدمة الجزء الأول من كتابه "التشريع الجنائي في الإسلام"، ونحن نجمل ذلك فيما يلي:
1- القانون الوضعي تنظيم بشري من صنع الناس، لا ينبغي مقارنته بالتشريع السماوي الذي جاء من عند الله؛ للفرق بين الخالق والمخلوق، ولن يستوي لدى العقول أن يقارن ما صنعه الناس بما صنعه رب الناس.
2- والذين يضعون القانون بشر، يخضعون للأهواء والنزعات، وتتغلب عليهم العواطف البشرية، فيقعون تحت تأثير هذه العوامل التي تحيد بهم عن تقدير الحق، والقيام على شئون الحياة بالقسط، ومهما ارتقى الناس في سلم المعرفة، فإنهم لا يستطيعون أن يدركوا حقائق الأمور، وأن يحيطوا بها خبرًا، وبهذا تكون القوانين الوضعية عرضة للتغيير والتبديل، ولا يكون لها مقياس ثابت لحكم، فما هو حلالٌ اليوم قد يصير حرامًا غدًا، وبذلك تختلف موازين الحياة ومقاييس الخير والشر، وتتلون بتلون الإنسان وتحوُّل ميوله وعواطفه، فتظل الحياة الإنسانية في اضطراب دائم، كما نشاهده اليوم في حياة الأمم التي تحكم بغير ما أنزل الله.
والشريعة وحي إلهي منزه عن ذلك كله، فهي تنزيل الحكيم العليم، الذي يعلم