المسلمين ببعضهم من سنّة وشيعة ودروز. وعلاقات النصارى ببعضهم أيضا، من ملكيّة ويعقوبية ونساطرة وغيرهم. وبين القبائل المشرقية والقبائل المغربية، والعرب والبربر، والروم والروس والكرج والبلغار والأرمن وغيرهم، وحركات القرامطة، وحركات أمراء القبائل والأعراب، وغزوات الأباطرة والقادة البيزنطيين إلى بلاد الشام، وحركات الثائرين والخارجين على الخلافة في المشرق والمغرب الإسلامي، وأخبار الدولة الإخشيدية وسقوطها، وأخبار النكبات الطبيعية من زلازل وسيول ورعود وبرق ووباء وغلاء، والمعلومات الكثيرة عن عادات وتقاليد النصارى في الاحتفالات بأعيادهم ومناسباتهم الدينية، وأخبار ملوك الروم ونزاعاتهم مع قادتهم أو أولياء عهدهم، وحروبهم مع جيرانهم، في الشمال والشرق والجنوب، والمؤامرات والدسائس التي كانت تحاك في العالم الإسلامي وعالم الروم وبلاد الغرب على السواء ضدّ الخلفاء والملوك والأباطرة، وغير ذلك من الكمّ الهائل الذي حشده المؤلّف بكل دقّة، وطول باع، مع التحليل والتعليق في مواضع عدّة، ممّا ينمّ عن حصافة في الرأي وحسن تفهّم للحقائق، وإحاطة شاملة بأحداث العصر ومجرياته. فضلا عن وقوفه بشكل مباشر على عدّة سجلاّت رسمية ومراسلات ملكية قام بإثبات نصوصها في مواضعها من الكتاب، مما يجعله مصدرا وثائقيا أيضا.
أما المساحة الجغرافية التي يغطّيها كتاب الأنطاكي، فتمتدّ من بلاد المغرب الأقصى حتى بلاد الروس وبلاد الخزر البلغار، لتشمل بلاد المغرب وإفريقية وبرقة ومصر وبلاد النوبة وبلاد الشام والحجاز والعراق وآسية الصغرى وأرمينية الكبرى وبلاد الكرج والبلغار والروس والروم، وجزر البحر المتوسط، صقلّية، وأقريطش، وقبرس.
أما طريقة المؤلّف في عرض الأحداث، فقد جهد في أن تكون أخباره متسلسلة متتابعة زمنيّا، ولكنّ هذه الطريقة كانت تفرض عليه أن يقطع السرد المتتابع لينتقل من أخبار دولة إلى أخرى ومن ولاية إلى إمارة أخرى، ومن كرسيّ