الهيكل الذي على اسم القمر، ولم يكن بقي لهم في المسكونة هيكل سواه، وجعلوه معقلا،
وأسلم كثيرون ممّن في حرّان من الصابئة، وكانوا جماعة وافرة العدد مخافة منهم.
وكان قد اجتمع في جبل السّمّاق (?) من بلد الروم جماعة من الدّرزيّة، وجاهروا بمذهبهم، وأخربوا ما عندهم من المساجد، وتحصّن دعاتهم وكثير من عوامّهم في مغاور شاهقة منيعة، وقصدهم وانضوى إليهم خلق من أهل نحلتهم، وتوفّر عددهم، واستضاموا المسلمين المجاورين لهم من أهل بلدان حلب والذين هم بينهم، ووعدوا أنفسهم وأطمعوا عوامّهم بقوّة أيديهم وكثرة استيلائهم على البلاد والأعمال القريبة والبعيدة.
ورأى نيقيطا الرقطر قطبان أنطاكية مبادرتهم قبل تفاقم أمرهم وتخطّيهم إلى الفساد والعيث. ورسم لمن يجاورهم من طرامخته قصدهم برجالهم وأصحابهم، فتلطّفوا في أن قبضوا على دعاتهم وأماثلهم وقتلوهم، وحاصروا باقيهم في تلك المغاور، ونصبوا عليها القتال اثنين وعشرين يوما إلى أن التمسوا الأمان، وخرجوا منها هاربين، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة، وتتبّع الروم المسلمين في أعمالهم منهم، وأخذوهم واضمحلّوا ودثروا (?).
...