فضمن إرشاد الطرّيق، وسار أمامه هاديا. فما زال يفتح الصّياصي والقلاع حتى مرّ بقلعة هارون، فلمّا رأى ملكُها الأرض تموج بأنصار الله ومن حولها الملائكة زُلْزِلت قدَمُه، وأشفق أن يُراقَ دمه، ورأى أن يتّقي بالإسلام بأس الله، وقد شُهِرت حدوده ونُشِرت بعذبات العذاب بنوره، فنزل في عشرة آلاف ينادون بدعوة الإسلام.

ثم سار بجيوشه إلى القلعة كلنجد، وهو من رؤوس الشّياطين، فكانت لَهُ معه ملحمة عظيمة، هلكَ فيها من الكُفار خمسون ألفًا، من بين قتيل وحريق وغريق. فعمد كلنجد إلى زوجته فقتلها، ثمّ ألحقَ بها نفسه. وغنم السلطان مائة وخمسة وثمانين فيلًا، ثمّ عطف إلى البلد الّذي يُسَمّى المعبد، وهو مهرة الهند بطالع ابنيتها الّتي تزعم أهلها أنها من بناء الجنّ، فرأى ما يخالف العادات، وتفتقد روايتها إلى الشّهادات. وهى مشتملة عَلَى بيوت أصنام بنقوشٍ مبدعة، وتزاويق تخطف البصر.

قَالَ: وكان فيما كتب بِهِ السّلطان أنّه لو أراد مُريد أن يبني ما يعادل تِلْكَ الأبنية ليعجز عنها بإنفاق مائة ألف ألف درهم، في مدة مائتي سنة، عَلَى أيدي عَمَلَة كَمَلَة، ومَهَرة سَحرةَ.

وفي جملة الأصنام خمسة من الذَّهب معمولة طول خمسة أذرُع، عينا كلّ واحدٍ منها ياقوتتان، قيمتهما خمسون ألف دينار بل أَزْيَد. وعلى آخر ياقوتة زرقاء، وزنها أربعمائة وخمسون مثقالًا. فكان جملة الذّهبيّات الموجودة عَلَى أحد الأصنام المذكورة ثمانية وتسعين ألف مثقال.

ثم أمر السلطان بسائر الأصنام فَضُربَت بالنِّفْط، وحاز من السّبايا والنّهاب ما يعجز عَنْهُ أناملُ الحُساب. ثمّ سار قُدُما يروم فتوح فتوح وخلّف معظم العسكر، فوصل إليها في شعبان سنة تسعٍ، وقد فارقها الملك إقبال منهزمًا، فتتّبع السّلطان قلاعها، وكانت سبعة عَلَى البحر، وفيها قريبٌ من عشرة آلاف بيت من الأصنام، تزعم المشركون أنها متوارثة منذ مائتي ألف سنة إلى ثلاثمائة ألف سنة كذبًا وزورًا، ففتحها كلَّها في يومٍ واحد، ثمّ أباحها لجيشه فانتهبوها. ثمّ ركض منها إلى قلعة البراهمة، وتعرف بمنح، فافتتحها وقتل بها خلقًا كثيرًا، ثمّ افتتح قلعة جنداري وهي ممن يُضرب المثل بحصانتها.

وذكر أبو النّصر ذَلِكَ مطولًا مفصّلًا بعبارته الرائقة، فأسهب وأطنب. فلقد أقَّر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015