نحو أربعين سنة، ألبسها يوم خروجي إلى الناس، وأطويها عند رجوعي، وفيها متعة وبقيّة ما بقيت، ونفقتي من أجره دار خلَّفها أَبِي، فما أصنع بهذا؟ فقلت: فرقها عَلَى أصحابك، فَقَالَ: ما فِي أصحابي فقير، فعدت فأخبرته، فَقَالَ: الحمد لله الَّذِي سلَّمه منّا وسلَّمنا منه.
وقَالَ أَبُو سَعِيد النّقّاش: كَانَ ابن سمعون يرجع إلى علْم القرآن، وعلْم الظاهر، متمسكًا بالكتاب والسُّنّة، لقيته وحضرت مجلسه، سَمِعْتُهُ يسأل عَنْ قوله: "أَنَا جليس من ذكرني"، قَالَ: أَنَا صائنه عَنِ المعصية، أَنَا معه حيث يذكرني، أَنَا مُعِينُه.
وقَالَ السُّلَمي: سَمِعْتُ ابن سمعون، وسُئل عن التصوُّف، فَقَالَ: أمّا الْأسم فَتَرْك الدُّنيا وأهلها، وأمّا حقيقة التصوُّف فنسيان الدُّنيا ونسيان أهلها، وسمعته يَقُولُ: أحق الناس يوم القيامة بالخسارة أهل الدَّعَاوي والإشارة.
وقَالَ أَبُو النجيب الْأمويّ: سَأَلت أَبَا ذَرّ: هَلِ اتَّهمت ابن سمعون بشيء؟ فَقَالَ: بلغني أَنَّهُ رَوَى جزءًا عَنْ أَبِي بَكْر بْن أَبِي دَاوُد، كَانَ عَلَيْهِ مكتوب: وَأَبُو الْحُسَيْن ابن سمعون، وكان "رجلا"1 آخر سواه، لأنّه كَانَ صبيًّا، ما كانوا يُكْنُونه فِي ذَلِكَ الوقت، وسماعه من غيره صحيح.
قَالَ أَبُو ذَرّ: وكان القاضي أَبُو بَكْر الْأشعري وَأَبُو حامد يُقَبّلان يد ابن سمعون إذا جاءاه، وكان القاضي أَبُو بَكْر يقُولُ: ربّما خفي عليّ من كلامه بعض الشيء لدقّته2.
وقال السلمي: سمعته يقول في: {وَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] قَالَ: مواعيد الْأحبة وإن اختلفت، فإنّها تؤْنس. كُنَّا صبيانًا ندور على الشط ونقول:
ما طليني وسَوِّفي ... وعِديني ولا تَفي
واترُكِيني مُولَّهًا ... أو تَجودِي وتَعطِفي
قَالَ الخطيب: ثنا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد الظاهري: سَمِعْتُ ابن سمعون يذكر أَنَّهُ أتى بيت المقدس ومعه تمر، فطالبته نفسه برطب، فلامها، فعمد إلى التمر وقت إفطاره فوجده رطبًا، فلم يأكل منه وتركه، فلما كَانَ ثاني ليلة وجده تمرًا.
وقَالَ الخطيب: سَمِعْتُ أَبَا الفتح القوَّاس يَقُولُ: لحقتني إضافة، فأخذت قوسًا