وقَالَ أَبُو يوسف القِزْوِيني المعتزلي: كتب الفِهْري قاضي قزوين إلى الصّاحب، مَعَ كُتُب أهداها له:
الفهري عَبْد كافي الكُفَاة ... وإنِ اعْتَدَّ عَنْ وُجُوه القُضَاةِ
خَدَم المجلسَ الرَّفيعَ بكُتُبٍ ... مُتْرَعَاتٍ من علمها منعمات
فأجاب الصاحب:
قد قبِلْنا من الجميع كتابًا ... وردَدْنَا لوَقْتها الباقياتِ
لستُ أَسْتَغْنِم الكبيرَ فطَبْعي ... قولُ خُذْ لَيْسَ مذهبي قولُ هاتِ
ولد بإِصْطَخْر، وقيل: بالطَّالَقَان، في سنة ست وعشرين وثلاثمائة. والطَّالَقَان: اسم لناحيةٍ من أعمال قِزْوين، وأمّا بلد الطَّالَقَان التي بخُراسَان فأُخْري، خرج منها جماعة علماء.
تُوُفِّي ليلة الجمعة من صفر، سنة خمسٍ وثمانين.
ومن مراثي الصّاحب:
ثَوَى الْجُودُ والكافي معًا فِي حفيرة ... ليأنس كلُّ منهما بأخيهِ
هما اصطَحَبا حَيَّيْن ثم تَعَانَقَا ... ضجيعين فِي لَحْدٍ بباب دَرِيهِ
إذا ارتحل الثَّاوُونَ عَنْ مُسْتَقَرِّهم ... أقاما إلى يوم القيامة فيهِ
وكان يُلقَّب كافي الكفاة أيضًا، وكانت وفاته بالري، ونقل إلى أصبهان، ودفن بمحلة باب دَرِيّة.
ولما تُوُفِّي أُغْلَقَتْ لَهُ مدينة الرّيّ، واجتمع الناس عَلَى باب قصره، وحضره مخدويه وسائر الْأمراء، وقد غيروا لباسهم، فلما خرج نعشه، صاح الناس صيحة واحدة، وقبّلوا الْأرض، ومشى فخر الدولة ابن بُوَيْه أمام نعشه، وقعد للعزاء.
ولبعضهم فِيهِ:
كأنْ لم يَمُتْ حيٌّ سواك ولم تُقَم ... على أحد إلا عليك النَّوائحُ
لَئِن حَسُنَتْ فيك المراثي وذكْرُها ... لقد حَسُنَت من قبلُ فيك المدائحُ