اللغة، حتى فِي انبساطه، يعيب التّيه ويتيه، ولا ينصف من ناظره. وقيل: كَانَ مشوَّه الصورة، وصنّف فِي اللغة كتابًا سمّاه "المحيط" فِي سبع مجلدات، وله كتاب "الكافي" فِي الترسل، وكتاب "الْأعياد"، وكتاب "الْإمَامة" ذكر فِيهِ فضائل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وثبت إمامة من تقدمه. وكان شيعيا كآل بُوَيْه، وما أظنه يسب، لكنه معتزليّ، قِيلَ: إنه نال من الْبُخَارِيّ، وقَالَ: إنه حشوي لا يعول عَلَيْهِ، وله كتاب "الوزراء" وكتاب "الكشف عَنْ مساوئ المتنبي" وكتاب "أسماء اللَّه وصفاته".
ومن ترسّله: نَحْنُ يا سيدي، فِي مجلس غنى إلا عنك، شاكرًا إلا منك، قد تفتحت فِيهِ عيون النرجس، وتوردّت خدود فِيهِ بالبنفسج، وفاحت مجامر الْأترج، وفتقت فارات النّارنج، وانطلقت ألْسُن العيدان، وقامت خطباء الْأوتار، وهبّت رياح الأقداح، و"نفقت"1 سوق الْأنس، وقام منادي الطرب وطلعت كواكب الندماء وامتدت سماء النّدّ، فبحياتي إلا ما حضَرْت فقد أبت راحُ مجلسنا أن تصفو إلا أن تناولها يمْناك، وأقسم غناؤه أن لا يطيب حتى تعيه أذناك، فخدود نارنجه قد احمرّت خجلا لإبطائك، وعيون نرجسه قد حدَّقَت تأميلا للقائك: وله:
رقَّ الزُّجَاج ورقَّتِ الخَمْرُ ... "وتشابَهَت"2 فَتَشَاكَلَ الْأمْرُ
فكأنّها خَمْرٌ ولا قَدَحٌ ... وكأنّما قَدَحٌ ولا خَمْرُ
وله يرثي الوزير أَبَا عَلِيّ كثير بن أحْمَد:
يقولون لي أوْدى كثيرٌ بْن أحْمَد ... وذلك مَرْزُوءٌ عَلِيّ جَلِيلُ
فقلتُ دَعُوني والبُكَا نَبْكِه مَعًا ... فمثلُ كثيرٍ فِي الرّجال قَلِيلُ
وورد أنِ الصّاحب جمع من الكتب ما كَانَ يحتاج في نقلها إلى أربعمائة جَمَل، ولما عزم عَلَى الْإملاء، تاب إلى اللَّه، واتخذ لنفسه بيتًا سماه بيت التَّوْبة ولبث أسبوعًا عَلَى الخير، ثم أخذ خطوط الفقهاء بصحّة توبته، ثم جلس للإملاء، وحضر خلق كثير منهم القاضي عَبْد الجبار بْن أحْمَد.
وكان الصّاحب يُنَفِذ إلى بغداد فِي السنة خمسة آلاف دينار، تُفَرَّق عَلَى الفقهاء والأدباء، وكان يبغض من يميل إلي الفلسفة، ومرض بالأهواز بالإسهال، فكان إذا قام