فيها: توفي فخر الدولة علي ابن ركن الدولة ابن بُوَيْه بالري، ورتبوا ولده رستم في السلطنة وهو "ابن"1 أربع سنين، وكان فخر الدولة قد أقطعه أبوه بُلدانًا، فلما تُوُفّي أخوه بُوَيْه كتب إليه الصّاحب إسماعيل بن عَبَّاد يحثّه على الإسراع، فقدم وتملّك مكان أخيه، واستوزر ابن عبّاد، وكان شهمًا شجاعًا، جماعًا للأموال، لقبه الطائع فلك الْأمّة. وكانت سلطنته أربع عشرة سنة، وعاش ستًا وأربعين سنة. ولما اشتدّ به مرضه أُصعِد إلى قلعة، فبقي بها أيامًا يمرض، فمات، وكانت الخزائن مقفلة مختومة، وقد جعل مفاتيحها في كيس من حديد وسُمِّر، وحصلت عند ولده رستم، فلم يوجد ليلة وفاته شيء يُكَفَّن فيه، وتعذّر النزول إلى البلد لشدّة شغب الْجُنْد، فاشتروا من قيّم الجامع ثوبًا، فلُفّ فيه، وشُدّ بالحبال، وجُرّ على دَرَج القلعة حتى تقطّع، وكان يقول: قد جمعت لولدي ما يكفيهم ويكفي عسكرهم خمس عشرة سنة.
وكان ترك ألفي ألف دينار وثمانمائة ألف وخمسة وسبعين ألف دينار، ومن الجواهر واليواقيت واللؤلؤ أربعة عشر ألف وخمسمائة قطعة، قيمتها ثلاثة آلاف ألف، ومن الْأواني الذّهب ما وزنه ألف دينار، ومن أواني الفضة ثلاثة آلاف درهم، ومن الثياب ثلاثة آلاف حمْل، وخزانة السلاح ألفًا حمْل، وخزانة الفرش ألف وخمسمائة حمل، إلى غير ذلك2.