رأى ماء فأطمعه ... وأخاف عواقب الطمعِ

ومما نُسِبَ إليه:

قد جرى في دمعه دمُه ... فإلى كم أنتَ تَظْلِمُهُ

ردّ عنه الطّرفَ منك فقد ... جَرَحَتْه منكَ أسهمه

كيف يستطيع التَّجَلُّدَ من ... خَطَرَاتُ الوَهْم تؤلِمُهُ؟

وبقلبي من هوى رشاء ... تائه ما الله يعلمه

ما دوَائي غير ريقته ... خمرة لتُقلب مرهَمُهُ

يقال: إنّه مات بالفالج1، وقيل: بعُسْر البَوْل، بحلب في عاشر صفر، وحمل إلى ميافراقين فدُفن عند أمّه، وكان قد جُمع من نقض الغُبار الذي يتجمَّع عليه أيام غزواته ما جاء من لَبِنة بقَدْر الكَفّ، وأوصى أن يوضع خدُّه عليها في لَحده، ففُعِل ذلك به، وملك بعده حلبَ ابنُه سعيد الدولة، وهلك سنة إحدى وثمانين كما يأتي.

فذكر ابن محمد الشمشاطي في تاريخه قال: ورد سيف الدولة إلى حلب عليلًا، فأمسك كلامه ثلاثة أيام، ثم جمع قرغويه الحاجب وظفر الخادم والكبار، فأخذ عليهم الأَيْمان لولده أبي المعالي بالأمر بعده، ومات على أربع ساعاتٍ من يوم الجمعة لخمس بقين من صفر الموافق ثامن شباط، وتولَّى أمرَه القاضي أبو الهيثم بن أبي حُصَين، وغسّله عبد الرحمن بن سهل المالكي قاضي الكوفة، وغسله بالبدر ثم الصَّنْدل، ثم بالذّريرة، ثم بالعنبر والكافور، ثم بماء ورد، ثم بالماء، ونُشَّف بثوب دبيقيّ بنيّف وخمسين دينارًا، أخذه الغاسل وجميع ما عليه وتحته، وصبَّره بصبر ومُرّ ومَنٍّ من كافور، وجعل على وجهه وبَخْره مائة مِثْقال غالية، وكفِّن في سبعة أثواب تساوي ألفَ دينار، وجُعل في التابوت مُضَرَّبة ومخدَّتان، وصلّى عليه أبو عبد الله العلوي الكوفي الأقساسي فكبَّر خمسًا. وعاش أربعًا وخمسين سنة شمسية.

وخرج أبو فراس بن حمدان في الليل إلى حمص، ولما بلغ معزّ الدولة خبرُ موته جزع عليه وقال: أنا أعلم أن أيّامي لا تطول بعده، وكذا كان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015