قد فطن الشيخ للمعاني ... فالغَرُّ مَن لامه وعابه
أنبأ المسلّم بن علان، والمؤمّل بن محمد، ويوسف بن يعقوب، أن أبا اليُمْن الكِنْدي أخبرهم: أنبأ أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، حدّثني الحسن بن محمد الأشتر، سمعت أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشم غير مرة يقول: سمعت ابن الْجِعابي يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث وأذاكر بستمائة ألف حديث. وبه قال الخطِيب: حدّثني الأزهريّ، ثنا أبو عبد الله بن بُكَيْر عن بعض أصحاب الحديث وأظنّه -ابن درّان- قال: رآني أبن الْجِعابي وقد جئت من مجلس المظفّر فقال: كم أمْلَى؟ فسميت، فقال: أيّما أحبّ إليك، تذكر أسانيد الأحاديث وأذكر مُتُونها، أو تذكر المتونَ وأذكر أسانيدها؟ فقلت: بل المتون. فجعلت أقول: روى حديثًا سنة كذا وكذا، فيقول: حدّثكم به عن فلان بن فلان، فلم يُخطئ في جميعها.
وبه سمعت التنوخي يقول: تقلّد ابن الْجِعابي قضاء الموصل، فلم يُحمد في ولايته.
وذكر الخطيب عن رجاله أنّ ابن الجعابي كان يشرب في مجلس ابن العميد.
قلت: لم يُبَيَّن ما كان يشرب هل هو نبيذ أو خمر.
وقال السّلمي: سألت عنه الدارقطني، فقال: خلّط، وذكر مذهبه في التشيّع.
وكذا ذكر الحاكم عن الدارقُطْني وذكر عنه، فقال: قال لي الثقة من أصحابنا ممّن كان يعاشر ابن الْجِعابي: إنّه كان نائمًا فكتبت على رِجْله، فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسّه الماء.
وبالإسناد المذكور إلى الخطيب: ثنا الأزهري أنّ ابن الْجِعابي لما مات أوصى بأن تُحرق كُتُبْه، فكان معها كتب للناس، فحدّثني أبو الحسين بن البوّاب أنَّه كان له عنده مائة وخمسون جزءًا، فَذَهَبَتْ في جملة ما أُحْرِق.
وقال مسعود السِجْزي: سمعت الحاكم، سمعت الدارقُطْني يقول: أخْبرْتُ بعِلّة أبي بكر الْجِعابيّ، فقمت إليه في الوقت، فأتيته فرأيته يحرِق كُتُبَهُ بالنّار، فأقمت عنده حتى ما بقي منه بيّنة، ثم مات من ليلته.
قرأت على إسحاق الأسدي: أخبرك يوسف الحافظ، أنا أبو المكارم المعدّل، وأنا أحمد بن سلامة وغيره إجازةً، عن أبي المكارم، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَبُو