وقال له ابن خالَوَيْه النحويّ يومًا في مجلس سيف الدولة: لولا أنّ الآخر جاهلٌ لما رضي أن يُدعى المتنبي؛ لأن متنبيء معناه كاذب، فقال: إنّي لم أرض أنْ أُدْعَ به.

ومن قوله مما رواه عنه ابن باكويه، سمع منه بشيراز:

وما أنا بالباغي على الحبّ رشْوَةً ... قبيحٌ هوًى يُرجَى عليه ثوابُ

إذا نِلْتُ منك الوُدَّ فالمال هيِّنٌ ... وكلُ الذي فوق الترابِ تُرابُ

وله:

وبعين مفتقر إليك رأيَتني ... فهَجَرْتَني ورَمَيْتَ بي من حالِقِ

لَسْتَ المَلُومَ أنا المَلُومُ لأنني ... أَنزلت حاجاتي بغير الخالِق

وله شعر بالسَّنَدِ المتَّصل مما ليس في ديوانه، وما خرج من مصر حتى أساء إلى كافور وهجاه، كما ذلك مشهور.

قال المختار محمد بن عبد الله المسبّحي: لمَّا هرب المتنبّي من مصر وصار إلى الكوفة، ثم صار إلى ابن العميد ومدحه، فقيل: إنه وصل إليه منه ثلاثون ألف دينار، وفارَقَه ومضى إلى عَضُد الدَّولة إلى شيراز فمدحه، فوصله بثلاثين ألف دينار، ففارقه على أن يمضي إلى الكوفة يحمل عياله ويجيء، فسار حتى وصل إلى النُّعمانية بإزاء قرية، فوجد أثر خيلٍ هناك، فتنسّم خَبَرَها، فإذا هي خيل قد كمنت له لأنّه قصدها، فواقَعُوه فطُعن، فوقع عن فرسه، فنزلوا فاحْتزُّوا رأسه، وأخذوا الذهب الذي معه، وقُتل معه ابنه فخشد وغلامه، وكان معه خمسة غلمان، وذلك لخمسٍ بَقِين من رمضان سنة أربعٍ وخمسين.

وقال الفرغاني: لما رحل المتنبّي من المنزلة جاءه خُفَراءُ فطلبوا منه خمسين درهمًا ليسيروا معه، فمنعه الشُّحُّ والكِبْرُ، فقدّموه، فكان من أمره ما كان.

ورثاه أبو القاسم مظفَّر بن علي الزَّوْزَنيّ بقوله:

لا رَعَى الله سِرْبَ هذا الزمانِ ... إذْ دهانا في مثل ذاك اللّسانِ

ما رأي الناسُ ثانيَ المتنبّي ... أيُّ ثانٍ يرى لبكر الزّمان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015