رَوَى عَنْهُ: أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن أحمد المَحَامليّ، وعلي بن أيوب القمّي، وأبو عبد الله بن باكويه الشّيرازي، وأبو القاسم بن حبيش الحمصي، وكامل بن أحمد العزايمي، والحسن بن علي العلوي، وعنهم رَوَوْا عنه من شعره، وكان أبوه سقّاءً بالكوفة يلقَّب بعُبَيْدان.
قال أبو الحسن محمد بن يحيى العلوي: حدّثني كُتُبيُّ كان يجلس إليه المتنّبي قال: ما رأيت أحْفَظَ من هذا الفتى ابن عبيدان، كان اليوم عندي وقد أَحضر رجلٌ كتابًا من كُتُب الأصمعيّ نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلًا، فقال له الرجل: يا هذا أريد أن أبيعه، فإن كنت تريد حفظه فهذا يكون بعد شهر، فقال له ابن عُبَيدان: فإنْ كنتُ قد حفظته فما لي عليك؟ قال: أَهَبُهُ لك. قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يقرأ عليّ إلى آخره، ثم استلبه فجعله في كمه وقام، فغلق به صاحبُهُ وطالبه بالثمن، فمنعناه منه، وقلنا: أنت شَرَطْت عَلى نفسك1.
قال أبو الحسن العلوي: كان عُبَيدان يذكر أنّه جعْفِيّ.
قال أبو القاسم التّنُوخيّ: كان المتنبّي خرج إلى حلب وأقام فيهم وادّعى أنّه عولي، ثم ادّعَى بعد ذلك النُّبوَّة، إلى أن شُهِد عليه بالكذِب في الدعوتين، وحُبس دهرًا، وأشرف على القتل، ثم استتابوه وأطلقوه.
قال التنوخي: حدّثني أُبَيّ بن أبي علي بن أبي حامد: سمعنًا خلْقًا بحلب يحكون والمتنّبي بها إذ ذاك أنَّه تنبّأ في بادية السماوة، قال: فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص من قِبَل الإخشيديّة فأسره بعد أن قاتل المتنّبي ومَن معه، وهرب مَن كان اجتمع عليه من حلب، وحبسه دهرًا، فاعتلّ وكاد أن يتلف، ثم استُتِيب بمكتوبٍ.
وكان قد قرأ على البَوَادي كلامًا ذكر أنّه قرآن أُنْزِل عليه، نَسَخْتُ منه سورة فضاعَتْ، وبقي أوَّلُها في حِفْظي وهو: والنّجْمِ السَّيّار، والفلكِ الدّوّار، واللّيل والنّهار، إنّ الكافر لَفِي أخطار، امْضِ على سُنَنِك، واقْفُ أَثَرَ من كان قَبْلَكَ من المرسلين، وإنّ الله قامِع زَيْغَ مَن أَلْحَدَ في الدّين، وضلَّ عن السبيل. قال: وهي طويلة. قال: وكان المتنّبي كان إذا شُوغِبِ في مجلس سيف الدولة -ونحن إذ ذاك بحلب- يُذكر له هذا القرآن فينكره ويجحده.