مصر من أستاذه بالرملة كرهًا، فأعتقه مولاه. وكان كبير الهمّة شجاعًا جريئًا، وعظُم عند الْإخشيد، وكان رفيق الأستاذ كافور.
فلما مات الإخشيد تقرر كافور مدبرا لولده الإخشيد، فأنف فاتك المجنون من الإقامة بمصر كيلا يكون كافورا أعلى مرتبةً منه. وانتقل إِلَى أقطاعه، وهي بلاد الفيُّوم، فلم يصحّ مزِاجه بِهَا لوَخَمها، وكان كافور يخافه ويكُرْمه، فمرض وقدِم مصر ليتدواى، وبها المتنبيّ، فسمع بعظمة فاتك وبكَرمه، ولم يجسر أن يمدحه خوفًا من كافور. وكان فاتك يراسله بالسّلام ويسأل عَنْهُ: فاتفق اجتماعهما يومًا بالصّحراء، وجرت بينهما مفاوضات، فلما رجع فاتك إلى داره بعث إلى المتنبيّ هديةً بقيمة ألف دينار، ثمّ أتْبعَها بهدايا بعدها فاستأذن المتنبيّ كافورًا فِي مدْحه، فأذِنَ لَهُ، فمدحه بقصيدته التي أولها:
لا خَيلَ عندك تُهْديها ولا مالُ، ... فلْيُسْعِد النُّطْقُ إن لم تُسْعِد الحالُ
إلى أن قَالَ فِيهَا:
كفاتك ودخول الكاف منْقَصَةٌ ... كالشّمس قلتُ: وما للشّمس أمثالُ
قلتُ: وليس هُوَ بفاتك الخَزْنَدَار الإخشيدي الّذي ولي إمرة دمشق سنة خمسٍ وأربعين. تُوُفّي فاتك المجنون فِي شوّال بمصر، ورثاه المتنبيّ.
"حرف الميم":
742- محمد بْن أَحْمَد بْن الخطّاب2: أَبُو الْحَسَن البغداديّ البزّار. سَمِعَ: أَحْمَد بْن عَلِيّ البربهَاريّ، وموسى بْن هارون. وعنه: ابن رزْقَوَيْه، وأبو الحسن الحمّاميّ. وثقَّه الخطيب.
743- محمد بْن أَحْمَد بْن خَنْب2: أَبُو بَكْر البغداديّ الدَّهْقان. نزيل بُخارى ومُسْندُها. سمع: يحيى بْن أَبِي طَالِب، والحسن بْن مُكْرَم، وابن أبي الدنيا، وجعفر الصّائغ، وموسى بْن سهْل الوشاء، وأبا قِلابة.