تقدَّموها" 1. وَأَمَّا تَقْدِيمِي ابْنَ بُكَيْرٍ، فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَبِّرْ كَبِّرْ" 2، يُرِيدُ السّنَّ، وَمَعَ أَنَّهُ سَمِعَ الْمُوَطَّأَ مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَأَبُوكُمَا لَمْ يَسْمَعْهُ إِلا مَرَّةً وَاحِدَةً. فَخَرَجَا وَلَمْ يَعُودَا. وَخَرَجَا إلى حدّ العداوة.

ولأبي عبد الملك أَحْمَد بْن نوح بْن عَبْد البر القرطبيّ، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين وثلاثمائة، كتابٌ فِي أخبار علماء قرطبة، ذكر فِيهِ بقي بْن مخلد، فقال: كان فاضلًا تقيًّا صوَّامًا متبتلا، منقطع القرين فِي عصره، منفردًا عن النَّظير.

فِي مصر كان أوّل طَلَبِهِ عند محمد بْن عِيسَى الأعشي، ثُمَّ رحل وروى عن أَهْل الحَرَمَيْن، ومصر والشام، والجزيرة، وحلوان، والبصرة، والكوفة، وواسط، وبغداد، وخراسان، كذا قَالَ فغلظ، لم يصل إِلَى خُراسان.

قَالَ: وعدن، والقيروان.

قلت: وما أحسبه دخل اليمن.

قَالَ: وذكر عَبْد الرَّحْمَن بْن أَحْمَد، عن أَبِيهِ، أنّ امرأة جاءت إلى بقيّ فقالت: ابني فِي الأسر، ولا حيلة لي، فلو أشرت إِلَى من يفديه، فإنّي والهة.

قَالَ: نعم، انصرفي حَتَّى أنظر فِي أمره.

ثُمَّ أطرق وحرّك شفته. ثُمَّ بعد مدة جاءت المرأة بابنها، فقال: كنت فِي يد ملك، فبينا أَنَا فِي العمل سقط قيدي. فذكر اليوم والساعة، فوافق وقت دعاء الشَّيْخ.

قَالَ: فصاح عليَّ المرسم بنا، ثُمَّ نظر وتحيَّر، ثمّ أحضر الحدّاد وقيَّدني، فلمّا فزع ومشيت سقط. فبهتوا ودعوا رهبانهم. فقالوا: لك والدة؟ قلت: نعم.

قَالُوا: وافق دعاؤها الإجابة، وقد أطاعك الله، فلا يمكننا تقييدك. فزوّدوني وبعثوني.

قال: وكان بقيّ أوّل من كثر الحديث بالأندلس ونشره، وهاجم به شيوخ الأندلس. فثاروا عليه لأنهم كان علمهم المسائل ومذهب مالك. وكان بقيّ يفتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015