وكان ورعًا فاضلًا زاهدًا، قد ظهرت له إجابات الدعوة فِي غير ما شيء. قَالَ: وكان المشاهير من أصحاب ابن وضّاح لا يسمعون منه، للذي بينهما من الوحشة.
وُلِدَ فِي رمضان سنة إحدى ومائتين، ومات لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ست وسبعين.
ورخه عَبْد الله بْن يُونُس. قَالَ محيي الدين بْن العربي: الكرامات منها وطْفة بلا كون قبل أن يكون، والإخبار بالمعينات. وهي على ثلاثة ضُرُب: إلقاء، وكتابه، ولقاء. وكان بقيّ بْن مخلد، رحمه الله، قد جمعها وكان صاحبًا للخضر. شهر هَذَا عَنْهُ.
ذكره فِي مواقع النّجوم، ثمّ شطح المحبيّن وقال علينا جماعة كذلك. وشاهدنا من ذاتنا غير مَرَّة.
ومن هَذَا المقام ينتقلون إِلَى مقامٍ يقولون فِيهِ للشيء كن فيكون بإذن الله.
وقَالَ الحافظ ابنُ عساكر: لم يقع إليَّ مُسْنَد من حديثه.
وقَالَ محمد بْن حزم: أقطع أنّه لم يؤلَّف فِي الْإِسْلَام مثل تفسيره، ولا تفسير محمد بْن جرير، ولا غيره.
قَالَ: وكان محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الأموي صاحب الأندلس محبًا للعلوم، عارفًا، فلمّا دخل بقيّ الأندلس بمصنَّف ابنِ أبي شَيْبَة، وأنكر عليه جماعة من أَهْل الرأي ما فِيهِ من الخلاف واستبشعوه، ونشَّطوا العامة عليه، ومنعوه من قراءته، حَتَّى أتى على آخره، ثُمَّ قَالَ لخازن الكتب: هذا كتابٌ لا تستغني خزانتنا عَنْهُ، فانظر فِي نسخه لنا.
وقَالَ لبقي: أنشر علمك، وارو ما عندك. ونهاهم أن يتعرَّضوا له.
وَقَالَ أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: ثنا بَقِيٌّ قَالَ: لَمَّا وَضَعْتُ مُسْنَدِي جَاءَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى، وَأَخُوهُ إِسْحَاقُ فَقَالا: بَلَغَنَا أَنَّكَ وَضَعْتَ مُسْنَدًا قدَّمت فِيهِ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهريّ، وَيَحْيَى بْنَ بُكَيْرٍ، وَأَخَّرْتَ أَبَانَا.
فَقَالَ بَقِيٌّ: أَمَّا تَقْدِيمِي لِمُصْعَبٍ، فَلِقَوْلِ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قدِموا قُرَيْشًا ولا