اطلبوا منجِّمًا. فأخذ بمولده، فأُتي به، فقال له بعض من حضر: ما يُصنع بالنّجوم؟ ههنا أعرابي عائق ليس فِي الدُّنيا أحذق منه.
فقال: يحضر ما سمّاه الرجل. فَطُلِبَ، فَلَمَّا دخل قَالَ له إِسْمَاعِيل: أتدري لِمَ طلبتك؟ قَالَ: نعم. وأدار عينه فِي الدّار، فقال: يسألني عن حَمْل.
فعجب منه، وقَالَ: فَمَا هُوَ؟ فأدار عينه وقَالَ: ذَكَر.
فقال للمنجم: ما يقول؟ قَالَ: هَذَا جهل.
قَالَ: فبينا نَحْنُ كذلك إذ طار زنبورٌ على رأس إِسْمَاعِيل وغلام يذبّ عَنْهُ، فقتله. فقال الأعرابيّ: قُتِلَ والله المزنَّر ووُلِّيت مكانه. ولي حقّ البشارة. وجعل يرقص. فنحن كذلك، إذ وقعت الضّجّة بخبر الولادة، وَإِذَا هُوَ ذَكَر. فسرَّ إِسْمَاعِيل بِذَلِك، وَوَهَبَ للأعرابيّ شيئًا. فَمَا مضى عليه إلّا دون شهر، حَتَّى استدعاه الموفَّق، وقلَّده الوزارة، وسلَّم إليه صاعدًا. فكان يُعَذِّبه إِلَى أن قتله.
ثُمَّ طلب الأعرابيّ فسأله: من أَيْنَ قَالَ ما قَالَ؟ فقال: نَحْنُ إنّما نتفاءل بزَجْر الطَّير وبعينٍ كما نراه. فسألتني أولًا لأيّ شيء طُلِبتُ، فتلمحّت الدّار، فوقَعَتْ عيني على برّادة عليها كيزان معلَّقة، فقلت لي: أصبت. ثُمَّ تلمّحْتُ فرأيت فوقها عُصْفورًا ذَكَرًا. ثُمَّ طار الزُّنبور عليك، وهو مخصّر النّصارى يتحضَّرون بالزّنابير. والزُّنبور عدوٌّ أراد أن يلسعك، وصاعد نصراني الأصل، وهو عدوك. فزجرت أن الزُّنبور عدوّك، وأنّ الغلام لمّا قتله أنّك ستقتله.
قَالَ: فوهب له شيئًا صالحًا وصرفه.
وقَالَ جِحْظَة:
لأبي الصقر علينا ... نِعَمُ الله جليلةٌ
ملكٌ في عينه الدُّنيـ ... ـا لراجية قليلةٌ
فوصلني بمائتي دينار.
وقَالَ عَبْد الله بْن أبي طاهر: أنشدني جَحْظَة: أنشدني أبو الصَّقر إِسْمَاعِيل بْن بُلْبُل لنفسه:
ما آن للمعتوق أن يُرْحَما ... قد انْحَلّ الجسمُ وأبكى الدّما