يُرْجَى ويُخْشَى لكلّ خَطْب ... كأنّه جنّةٌ ونارُ
المُلْكُ فِيهِ وفي بنيه ... ما اختلف اللّيل والنهارُ
يداه فِي الْجُود صرّتان ... عليه كِلتاهما تغارُ
لم تأتِ منه اليمينُ شيئًا ... إلا أتت مثلَها اليسارُ1
قال: فدحا التي فِي يساره وقال: خُذْها، لَا بارَكَ اللَّه لك فِيها.
قَالَ الخطيب أبو بَكْر: ورُويت هذه الأبيات للبُحْتَريّ فِي المتوكّل2.
وعن مروان بْن أبي الْجَنُوب أنّه مدح المتوكّل، فأمر له بمائة ألفٍ وعشرين ألفًا، وبخمسين ثوبًا.
وقال علي بْن الْجَهْم: كان المتوكّل مشغوفًا بقبيحةٍ لا يصبر عَنْها، فوقفت له يومًا وقد كَتَبَتْ على خدّها بالغالية جَعْفَر. فتأمّلها ثُمَّ أنشأ يقول:
وكاتبةٍ فِي الخد بالمِسْك جعفرًا ... بنفسي مَحَطُّ المِسْكِ من حيثُ أثَّرا
لَئِنْ أَوْدَعَتْ سطرًا من المِسْك خدَّها ... لقد أَوْدَعَتْ قلبي من الحبّ أَسْطُرا3
قد ورد عن المتوكّل شيء من الحديث.
ويقال: إنّه سلَّم عليه بالخلافة ثمانيةٌ كلّ واحدٍ منهم أَبُوهُ خليفة: مَنْصُورٌ بْن المهديّ، والعبّاس بْن الهادي، وأبو أحمد بْن الرشيد، وعبد اللَّه بْن الأمين، وموسى بْن المأمون، وأحمد بْن المعتصم، ومحمد بْن الواثق، وابنه المنتصر ابن المتوكّل.
وكان جوادًا ممدحًا؛ ويقال: ما أعطى خليفةٌ شاعرًا ما أعطى المتوكّل.
وفيه يقول مروان بن أبي الجنوب:
فأمْسِك نَدَى كفّيك عنّي ولا تزد ... فقد خفت أن أطعنى وأن أتجبّرا
فقال: لا أُمْسِك حَتَّى يُغرقك جودي.