وقال المَرُّوذيّ في كتاب "القَصَص": عزم حَسن بن البزّاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب المدلّسين الّذي وضعه الكرابيسيّ يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التَّيْميّ. فمضيتُ إليه في سنة أربعٍ وثلاثينِ فقلت: إنّ كتابك يريدُ قومٌ أن يعرضوه على عبد الله، فأظْهِر أنّك قد ندِمتَ عليه.

فقال: إنّ أبا عبد الله رجلٌ صالح، مثله يوفَّق لإصابة الحقّ. قد رضيتُ أن يُعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أنْ أمحوه، فأبيت.

فجيء بالكتاب إلى عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلَّموا على مُسْتَبْشَعات من الكتاب، وموضعٍ فيه وضْع على الأعمش، وفيه: إنْ زعمتم أنّ الحَسَن بن صالح كان يرى السّيف فهذا ابن الزُّبَير قد خَرَج.

فقال أبو عبد الله: هذا أراد نُصْرة الحَسَن بن صالح، فوضع عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد جمع للرّوافض1 أحاديثَ في هذا الكتاب.

فقال أبو نصْر: إنّ فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.

فقال: حذروا عنه.

ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسيّ، فبلغني أنّه قال: سمعت حُسَيْنًا الصّايغ يقول: قال الكرابيسيّ: لأقولنَّ مقالة حتّى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفْظي بالقرآن مخلوق.

فقلت لأبي عبد الله: إنّ الكرابيسيّ قال: لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضًا: أقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوق من كلّ الجهات، إلا أنّ لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إنّ لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.

فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتَلَه الله، وأيُّ شيءٍ قالت الْجَهْميّة إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثمّ قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقضَ كلامه إلا خيرُ كلامه الأوّل حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.

ثمّ قال أحمد: ما كان الله لَيدَعَه وهو يقصد إلى التّابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلَّم فيهم. ماتَ بشر المَرِيسيّ، وخَلفَه حُسين الكرابيسي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015