لك. فجعل فَوْزان يعتذر إليه، وانصرف من عنده وهو مرعوب، فعاد أبو طالب، فذكر أنّه قد حَكَّ ذلك من كتابه، وأنّه كتب إلى القوم يخبرهم أنّه وهِمَ على أبي.
قلتُ: الَّذي استقرّ عليه قول أبي عبد الله: أنَّ مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جَهْميّ، ومَن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع.
وقال أحمد بن زَنْجَوَيْه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اللّفظيّة شرٌّ من الْجَهْميّة1.
وقال صالح بن أحمد: سمعت أبي يقول: افترقت الْجَهْميّة على ثلاث فِرَق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق.
وفرقة قالوا: القرآن كلام الله تعالى، وسكتوا.
وفرقة قالوا: لفْظُنا بالقرآن مخلوق.
وقال أبي: لا يُصلِّي خلف واقِفيّ، ولا خلْف لفْظيّ.
وقال المَرُّوذيّ: أخبرتُ أبا عبد الله أنّ أبا شُعيب السُّوسيّ الذي كان بالرَّقَّة فرَّق بين ابنتهِ وزوجها لما وقف بالقرآن. فقال: أحسَن، عافاه الله. وَجَعَل يدعو له.
وقد كان أبو شُعيب شاور النُّفَيْليّ، فأمره أن يفرِّق بينهما.
قال المَرُّوذيّ: ولمّا أظهر يعقوب بن شيبة الوقف حذَّر أبو عبد الله عنه، وأمَرَ بهجرانه وهجران من كلّمه.
قلت: ولأبي عبد الله في مسألة اللَّفظ نصوصٌ متعددَة.
وأولَ مَن أظهر اللّفظ الحسين بن عليّ الكرابيسيّ2، وذلك في سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين.
وكان الكرابيسيّ من كبار الفقهاء.