فقال عَبْد الرَّحْمَن: اسكت، فَواللَّهِ إنّك لفي القوم. وقال الأثرم عليّ بْن المغيرة: سمعتُ الأصمعي وهو يَقُولُ لابن الْمَدِينِيّ: واللهِ يا عليّ، لتتركنّ الْإسْلَام وراء ظهرك. وقال الصُّوليّ: ثنا الحسين بن فهم قَالَ: أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد لابن الْمَدِينِيّ، بعد وصلهُ بعشرة آلاف درهم وثياب ومركبٍ بعدّته: يا أَبَا الْحَسَن، حديث جرير فِي الرؤية ما هُوَ؟ قَالَ: صحيح. قَالَ: هَلْ عندك فِيهِ شيء؟ قَالَ: يعفيني القاضي. قَالَ: يا أَبَا الْحَسَن هذه حاجة الدَّهْر. ولَم يزل بِهِ حتّى قَالَ: فِيهِ من لا يعوَّل عَلَيْهِ قيس بْن أَبِي حازم، إنّما كَانَ أعرابيًّا بوَّالًا عَلَى عَقِبَيْه. فقبّله ابن أَبِي دُؤاد واعتنقه.

فلمّا ناظر أَحْمَد بْن حنبل قال: يا أمير المؤمنين يحتج علينا بحديث جرير، وإنّما هُوَ من رواية قيس بْن أَبِي حازم، أعرابيّ بوّال عَلَى عقبيه. قَالَ: فقال أَحْمَد بْن حنبل بعد ذَلِكَ: فحين أطْلَع لي هذا علمت أَنَّهُ من عمل عليّ بْن الْمَدِينِيّ. قَالَ أَبُو بَكْر الخطيب: هذا باطل، قد نزَّه اللَّه عليَّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ قول ذَلِكَ فِي قيس بْن أَبِي حازم، وليس فِي التّابعين من أدركَ العشرة وروى عنهم غيره. ولَم يحك أحدٌ مِمن ساق محنة أَحْمَد أَنَّهُ نوظر فِي حديث الرؤية. قَالَ والدي: يُحكى عَنْ علي أنه روى لابن دُؤاد حديثًا عَنِ الوليد بْن مُسْلِم فِي القرآن أخطأ فِيهِ، فكان أَحْمَد بْن حنبل يُنْكرُ عَلَيْهِ رواية ذَلِكَ الحديث. واللفظُ: "كِلُوه إلى عالمه"، فقال: "كِلُوه إلى خالِقِه" وقال أَبُو العَيْنَاء: دخلَ عليّ بْن الْمَدِينِيّ إلى أَحْمَد بْن أَبِي دُؤاد بعد محنة أَحْمَد بْن حنبل، فناوله رُقْعَةً، فقال: هذه طُرِحَت فِي داري. فإذا فيها:

يا بان الْمَدِينِيّ الَّذِي شُرِعَت لَهُ ... دُنيا فجاد بدينه لينالها

ماذا دعاكَ إلى اعتقاد مقالةٍ ... قد كَانَ عندك كافرًا من قالها

أمرٌ بدا لك رُشْدُهُ فقبِلْتَهُ ... أمْ زهرة الدُّنيا أردتَ نَوَالها

فلقد عهِدتُكَ لا أَبَا لك مرَّةً ... صعْبَ الْمَقادة للّتي تُدْعَى لَها

إنّ الحريب لمن يصاب بدينه ... لا من يرزيء ناقة وفِصَالها

فقال لَهُ: لقد قمت وقمنا من حقّ اللَّه بِما يصغّر قدْر الدُّنيا عِنْدَ كبير ثوابه. ثُمَّ وصله بِخمسة آلاف درهم. وقال ابن عدي: سمعتُ مُسَدَّد بْن أَبِي يوسف القَلوَسيّ: سمعتُ أَبِي يَقُولُ: قلتُ لعلي بْن الْمَدِينِيّ: مِثْلُك وفي علمك يُجيبُ إلى ما أجبت إِلَيْهِ؟ قَالَ: يا أَبَا يوسف ما أهْون عليك السّيف. وقال إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بن الجنيد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015