يديه متعلقًا بِحبال السّفينة يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنْ كنت تعلم أنِّي إنّما أردتُ ابتغاء وجهك وما عندك فخلِّصنا.

فسلَّم اللَّه.

وقد أضعف ابن حزم وغيره عَبْد الملك بْن حبيب، ولا ريب فِي أَنَّهُ كَانَ ضعيفًا. قَالَ أَبُو عُمَر أَحْمَد بْن سَعِيد الصَّدفيّ: قلتُ لأحمد بْن خَالِد: إنّ الواضحة عجيبة جدًا، وإن فيها عِلْمًا عظيمًا، فما مدخلها؟ قَالَ: أول شيء إنّه حكى فيها مذاهب لَم نجدها لأحدٍ من أصحابه، ولا نُقِلَت عنهم، ولا هِيَ فِي كتبهم. ثُمَّ قَالَ الصَّدفيّ فِي تاريخه: كَانَ كثير الرواية، كثير الجمع، يعتمدُ عَلَى الأخذ بالحديث. ولَم يكن يميّزه، ولا يعرف الرجال. وكان فقيهًا فِي المسائل. وكان يُطْعَنُ عَلَيْهِ بكثرة الكُتُب. وذُكِرَ أنّه كَانَ يستجيزُ الأخذ بلا رواية ولا مقابلة وذُكِرَ أَنَّهُ أخذ إجازة كثيرة وأُشير إِلَيْهِ بالكذب. سمعتُ أحمد بن خالد يطعن عليه بذلك وينتقصه غير مرّة.

وقال: قد ظهر لنا كذبه فِي "الواضحة" من غير شيء. وقال ابن أَبِي مريم: كَانَ ابن حبيب بِمصر، فكان يضعُ الطّويلة، وينسخُ طول نَهاره. فقلتُ: إلى كم ذا النَّسْخ، مَتَى تقرأه عَلَى الشيخ؟ فقال: قد أجازَ لي كُتُبه، يعني أسد بْن مُوسَى، فخرجتُ من عنده فأتيتُ أسدًا فقلتُ: تمنعنا أن نقرأ عليك وتجيز لغيرنا؟ فقال: أَنَا لا أرى القراءة فكيف أُجيز؟ فأخبرته فقال: إنّما أخذ منّي كُتُبي ليكتب منها، لَيْسَ ذا عليّ. وقال أَحْمَد بْن عَبْد البَرّ النَّارَنْجِيّ: هُوَ أولُ من أظهر الحديث بالأندلس، وكان لا يميز صحيحه من سقيمه، ولا يفهم طُرُقه، ويُصَحِّف أسماء الرجال، ويحتجّ بالمناكير. فكان أهلُ زمانه لا يرضون عَنْهُ، وينسبونه إلى الكذب. ثُمَّ قَالَ: وكان ما بين عَبْد الملك بْن حبيب ويحيى بْن يحيى سيّئًا، وذلك أَنَّهُ كَانَ كبير المخالفة، ليحيى. وكان قد لقي أصبغ بِمصر، فأكثر عَنْهُ، فكان إذا اجتمعَ مَعَ يحيى بْن يحيى، وسعيد بْن حسّان، ونُظَرائهم عِنْدَ الأمير عَبْد الرَّحْمَن وقُضاته فسئلوا، وقال يحيى بِما عنده، وكان أسنّ القوم وأَوْلاهُم بالتقدُّمِ -يدفع عَلَيْهِ عَبْد الملك بأنه سمعَ أصبغ بْن الفَرَج يَقُولُ كذا. فكان يحيى يغمّه مخالفته لَهُ. فلمّا كَانَ فِي بعض الأيام جمعهم القاضي في الجامع، فسألهم عَنْ مسألة، فأفتى فيها يحيى بْن يحيى، وسعد بْن حسان بالرواية، فخالفهما عَبْد الملك، وذكر خلافهما روايةً عَنْ أصبغ. وكان عَبْد الأعلى بْن وهب من أحداث أهل زمانه، وكان قد حجّ وأدركَ أصبغ بْن الفَرَج بِمصر، ورى عَنْهُ. فدخل يومًا بأثر شورى القاضي عَلَى سَعِيد بْن حسّان، فقال لَهُ: يا أَبَا وهب، ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015